مجتمع

المجلس الأعلى للحسابات يراقب ويكتب، ولكن رجال التعليم والعمال يدفعون الثمن!

دابا ماروك

يبدو أن المجلس الأعلى للحسابات قرر أن يترك مهمة محاسبة الحكومة لجهاز آخر، ربما جهاز “اللامبالاة” أو “حكومة الصمت”، لأنه في تقريره الأخير، تجنب تمامًا التطرق إلى تلك الزيادات الفلكية التي طالت الوقود والمواد الاستهلاكية. قد يكون المجلس اعتقد أن المواطنين قد تعودوا على “المفاجآت” الاقتصادية، مثلما يتعود البعض على استغرابه كل مرة بالمطر في فصل الشتاء.

أما عن “تحسين وضعية المأجورين” وبالخصوص رجال التعليم، فالأمر يبدو وكأنه مجرد “مقلب” من مقالب الحكومة التي تحب أن تشعرهم أن الوضع يتحسن، بينما الواقع لا يعكس ذلك. هل كان من الممكن أن يتساءل المجلس الأعلى عن ذلك القانون المثير للجدل حول “الحق في الإضراب”؟ يبدو أن المجلس يفضل أن يترك هذه المواضيع للصحف الإلكترونية، حيث يجد فيها المواطن ما يكفي من “الهم” لقراءة يومه.

ومن ثم، جاء التقرير ليعطينا دروسًا في فن التنسيق بين الوزارات والقطاع الخاص، كأننا نعيش في “مدرسة ابتدائية” تديرها الحكومة بتوجيهات الفضاء، محاولا الوصول إلى فكرة أن كل شيء سيتحسن في الوقت المناسب، مثلما يُقال “الدجاجة في الطريق” لكنها لم تصل بعد.

الحديث عن “خريطة تربوية استشرافية” يشبه البحث عن طريق في وسط الصحراء؛ نعم، نحن نعرف أين توجد الرمال، لكن الخريطة لا تظهر أي شيء مفيد بالنسبة لنا في الوقت الحالي. ربما المجلس كان في حاجة لتوجيه اهتمامه إلى مناطق أخرى، مثل إعادة تأهيل “أدوات التعليم” أولًا، بدل الخوض في أحلام المستقبل.

وعندما يتحدث عن إشكالات “الوسط القروي” وتغيب الأساتذة، كأننا في مسلسل كوميدي جديد “غيب الأساتذة”؛ كل عام نفس القصة، وبدلاً من إصلاح الوضع، نسمع العبارات نفسها: “سنضع خطة”، “سيتم التنسيق”، “سنحسن الأداء”، بينما الواقع يبقى على حاله، وهو يتطلب أكثر من مجرد كلام.

فيما يخص “إستراتيجية التشغيل”، ربما المجلس ظن أن الشباب المغربي في عطلة دائمة، ولم يلحظ أن البطالة ليست مجرد رقم في تقرير، بل هي هموم وآلام حقيقية لشباب ينفق أيامه في البحث عن فرصة ضائعة. لكن لا بأس، من المهم أن نحافظ على التفاؤل، لعل الحكومة تفاجئنا بشيء مختلف، أو ربما هذه هي المفاجأة نفسها!

أما عن “البنك الشامل للمشاريع”، يبدو أنه سيكون مثل باقي المشاريع التي ينتظرها المواطن منذ عشرات السنين: فكرة رائعة على الورق، لكن أملنا في التطبيق قد تلاشى مع السنوات.

وفي الختام، إذا كانت “التوصيات” هي العلاج، فإننا في انتظار “الدواء” منذ وقت طويل. لكن لا تقلقوا، ربما في التقرير القادم سيكون لدينا مفاجأة… أو على الأقل نحصل على “خريطة” أخرى للواقع المرير.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى