
عندما يُضحى بالمقدمين والشيوخ لتغطية على كبار المتورطين في البناء العشوائي!
دابا ماروك
في مشهد يبدو وكأنه مقتطف من رواية ساخرة عن الفساد، قررت سلطات الأقاليم الواقعة بتراب الدار البيضاء إطلاق حملة تطهير شملت “المقدمين” و”الشيوخ”، متهمة إياهم بالتراخي في مواجهة البناء العشوائي. الهدف المُعلن؟ تهيئة المدينة لاستضافة فعاليات دولية كبرى في عامي 2025 و2030. أما الهدف الحقيقي؟ ربما محاولة لإخفاء تجاوزات الكبار وإلقاء اللوم على الحلقة الأضعف في السلسلة!
المقدم والشيوخ: شماعات لأخطاء الكبار
بين عشية وضحاها، يجد أعوان السلطة أنفسهم في مرمى الاتهامات، وكأنهم المسؤولون الوحيدون عن ظهور مستودعات سرية وفيلات فخمة دون تراخيص. هؤلاء الذين طبقوا التعليمات بحذافيرها هم الآن أكباش الفداء في لعبة يحرك خيوطها كبار المتلاعبين بملفات التعمير، ممن يحصّنون مواقعهم بعيدًا عن أي مساءلة.
أما “الكبار” الذين تنبثق عنهم التعليمات والتوجيهات، فهم في مأمن كامل، يراقبون المشهد من فوق، مستمتعين بحبكة درامية صنعتها أيديهم.
الكبار يحلقون، والصغار يدفعون الثمن
صور جوية وتقارير ميدانية رصدت انتهاكات صارخة: أراضٍ زراعية تحولت إلى أحياء، وسواحل بحرية زُرعت بمستودعات سرية، لكن “الكبار” ينجون دائمًا بفضل شبكة من العلاقات والمصالح المشتركة. لجان التحقيق؟ لا تصل أبدًا إلى قمة الجبل، وتكتفي بتسليط الضوء على وديانه السحيقة.
لعبة الواجهة والتلميع
التحركات الأخيرة، بما فيها نقل القياد وتجميد أعوان السلطة، ليست سوى محاولة لتلميع صورة المدينة استعدادًا للفعاليات الدولية. فالغاية الحقيقية ليست تنظيف الممارسات العشوائية، بل تحسين المظهر الخارجي، وطمس الفضيحة قبل أن تصل إلى العالم.
حقيقة مرة… ونهاية معلقة
بينما يُضحى بالصغار، يبقى الكبار محصنين في قصورهم، يتحركون بأريحية بين المصالح والإدارات. فهل ستبقى الحملة مجرد عملية تجميل سطحية، أم سنشهد يومًا ما محاسبة حقيقية تصل إلى الرؤوس الكبيرة؟
الجواب كما دائمًا، يبقى معلقًا بين صفحات تقارير توضع في أدراج مغلقة بإحكام.