![](https://i0.wp.com/dabamaroc.com/wp-content/uploads/2024/12/%D9%82%D9%81%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%83-%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%88%D9%88%D9%88%D9%88%D9%88%D9%84.webp?fit=1024%2C1024&ssl=1)
من “قفطانك محلول” إلى “زنزانة مزدوجة”
أبو السخرية
قبل عقدين من الزمن، أمتعنا الكاتب والصحفي الراحل عبد الجبار السحيمي، المعروف بتوقيعه الشهير “أبو الهدى”، عبر ركنه الأسطوري “بخط اليد”، الذي كانت تتزين به أحياناً الصفحات الأولى لجريدة “العلم”، كأنه طبق يوم الجمعة، لا يكتمل المشهد بدون نكهته الخاصة. بأسلوبه اللاذع وسخريته الناعمة، كان “أبو الهدى” قادراً على تحويل أحداث الزمن إلى وجبات فكرية ممتعة تغذي الروح وتثير التساؤلات.
وذات مرة، أطلق تساؤلاً غريباً لكنه عميق، عقب اعتقال أحد رموز الأغنية الشعبية: هل سيغني هذا المغني الشهير أغنيته “قفطانك محلول يا لالة” خلف أسوار المركب السجني عكاشة؟ سؤال كهذا لم يكن مجرد دعابة، بل فتح باباً واسعاً أمامنا للتأمل: ماذا يحدث عندما تتحطم صورة النجومية على صخرة التحقيقات؟ وهل تبقى الأضواء براقة حين تتحول الكاميرات إلى عدسات مراقبة؟
اليوم، ونحن في عصر “السوشل ميديا” ونجوم التفاهة، أصبح السؤال أكثر إثارة. لكن، بدلاً من تساؤل بسيط حول “قفطان” أو “عيطة”، نحن أمام سيناريوهات من نوع آخر: أين سيقيم نجوم التفاهة إذا استضافتهم المؤسسة السجنية؟ هل ستكون لهم أجنحة خاصة، مزينة بمرآة مكسورة لالتقاط “سيلفي العقاب”؟ أم سيتنافسون في اختيار الجناح المناسب لجنسهم أو هويتهم الافتراضية؟
تخيلوا نجماً من نجوم “التحديات الفارغة” يوزع نصائحه حول كيفية “تنظيم الوقت داخل الزنزانة”، أو آخر يبث فيديو مباشرًا – لو استطاع – بعنوان “يوميات المؤثر خلف القضبان”، مع هاشتاغات مثل: #سجن_فاشن أو # تحدي_الزنزانة.
ولأن السخرية لا تكتمل دون نكهة مغربية خالصة، يمكننا أن نتوقع عناوين ساخنة في المستقبل:
- “نجم التيك توك يطلب تعديل قائمة الطعام لتتناسب مع نظام الدايت”.
- “مشاهير التفاهة في ورشة إعادة التأهيل: بين تعلم الحياكة وإتقان تدوينات أقل غباء”.
- “أغنية الموسم: قفطانك مسجون يا لالة، من ألحان وأسوار عكاشة”.
في النهاية، قد تكون الزنازن اليوم أكثر حداثة، لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستبقى التفاهة حرّة طليقة خارج الأسوار؟ أم سنجد يوماً من يعتقلها هي أيضاً؟