مجتمع

القضاة تحت المجهر: “بغينا العدالة، ماشي السينما”!

دابا ماروك

في موسم 2023 المليء بالمفاجآت القضائية، قرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية تحويل قاعة المحكمة إلى خشبة مسرح للتأديب. حيث تم استدعاء 55 قاضياً وقاضية للمثول أمام المجلس التأديبي بسبب “اجتهادات” قانونية وأخلاقية لا تدخل في المناهج الدراسية ولا حتى في أحلام الكوابيس!

وحسب التقرير السنوي الذي تم رفعه إلى الملك محمد السادس ونُشر في الجريدة الرسمية – لأن الفضائح تستحق جمهوراً عريضاً – فإن العقوبات تنوعت وكأنها عرض تخفيضات نهاية السنة: العزل لقاضيين اثنين (ويا لها من صفقة خاسرة!)، والتقاعد الإجباري لسبعة آخرين، والإقصاء المؤقت عن العمل لـ15 “قاضياً شجاعاً”.

أما بالنسبة للغائبين بلا عذر، فقد تم اتخاذ قرارات حاسمة بحق قاضيين بسبب الانقطاع عن العمل – يبدو أنهما اختارا قضاء “عطلة مفتوحة”. ولم يغب التوبيخ، حيث طال 14 قاضياً، بينما حصل قاضيان على تعليق مؤقت للملف، وكأننا في حلقة من مسلسل “يتبع لاحقاً”.

وفي أجواء مليئة بالمفاجآت، قرر المجلس ألا يُحاسب قاضياً واحداً، فيما تم تذكير تسعة آخرين بلطف (لأن “لفت الانتباه” هو النسخة القضائية من قول: “حاول تخدم مزيان المرة الجاية”). أما البراءة، فقد وُزعت على ستة قضاة وكأنها ميداليات شرف، بينما حصل قاضيان على “لا مؤاخذة” لانعدام المسؤولية – قد يكونا مرشحين لجائزة “القاضي الغائب”.

ثروات القضاة: من أين لكم هذا؟ 

ولأن القضية ليست فقط حول “من أخطأ”، فقد انتقل المجلس إلى ورشة “من أين لك هذا؟”، حيث تم تكليف المفتشية العامة للشؤون القضائية بمهمة أشبه ببرنامج تحقيقات تلفزيوني: تتبع ثروة 15 قاضياً، وتقدير ثروات 36 آخرين. ومن يدري؟ ربما نكتشف قريباً قضاة يمتلكون جزراً خاصة أو سيارات طائرة.

ولم ينسَ المجلس إصدار دورية للقضاة لتذكيرهم بالتصريح بممتلكاتهم بدقة، لأننا بالطبع لا نريد أن تضيع ممتلكات بملايين الدراهم في غياهب النسيان!

مشروع التخليق: نسخة مغربية من “إصلاح شامل

المجلس، كعادته، أكد أن مشروع تخليق المنظومة القضائية هو المفتاح السحري لتحقيق الأمن القضائي. وبين المقاربة التحسيسية (الحديث الجميل)، والمقاربة التأطيرية (الدروس النظرية)، والمقاربة التأديبية (العصا لمن عصا)، يبدو أن العدالة المغربية في طريقها إلى نسخة محدثة…

وفي الختام، قدّم المجلس عرضاً تعريفياً بمدونة الأخلاقيات القضائية، مؤطراً ومستعرضاً، بل وحتى مشرفاً على عمل مستشاري الأخلاقيات، والذين يبدو أن مهامهم لا تنتهي. فهل نحن أمام قضاء يسعى بجدية للإصلاح أم أنه مجرد فصل جديد من “الدراما القضائية المغربية”؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى