مجتمع

الدجاج أيضًا صار للأغنياء: حكومة الصدف تُحلق بعيدًا عن الموائد الفارغة”

دابا ماروك

عندما يصبح الدجاج “ملك المائدة” وأقرب حلم بعيد المنال للطبقة الفقيرة، ندرك أننا نعيش في زمن حكومات إبداعية؛ إبداع في العجز عن التصدي للوبي يتحكم في سلعة كانت تُعرف بـ”المتاحة للجميع”. نعم، إنه الدجاج، آخر قلاع الفقراء، الذي يرفض الانحناء أمام موجة الغلاء ويتسلق أسعارًا لم تعرفها الموائد المغربية من قبل.

هل نحن في موسم أعراس؟ هل تنشط السياحة بشكل جنوني؟ لا شيء من ذلك يحدث، ومع ذلك، ترتفع أسعار الدجاج كأنه يطمح لأن ينافس الذهب. كيلوغرام بـ26 درهمًا في المدن البعيدة، وكأنك تدفع ثمن تحفة فنية، وليس مصدر بروتين بسيطًا. ماذا يحدث؟ أهي أزمة دجاج؟ أم أن الدجاج نفسه قرر التمرد بعد أن شاهد مصير اللحوم الحمراء؟

هنا تبدأ ملهاة الحكومة العجيبة، التي يبدو أنها تتعامل مع الأزمات بمنطق “من الذي أشعل النار؟ دعونا نراقبها تحترق”. قانون المنافسة؟ المادة 4؟ سقف الأسعار؟ كلها مجرد عبارات تجميلية تُزين مؤتمرات الصحافة دون أن تنزل إلى الأسواق لتفعل شيئًا. وكأن الحكومة تقول للمغاربة: “اصبروا، الدجاج يحاول تحسين وضعه الاقتصادي أيضًا!”.

أما المواطن، الذي بات محاصرًا بين أسعار اللحوم الحمراء التي تجاوزت أحلامه وأسعار الدجاج التي بدأت تسرق من جيبه المتبقي، فيواجه معضلة وجودية: هل يُقنع أطفاله أن العدس هو “لحم الفقراء الجديد”؟ أم أنه سيختار الثورة من أجل حبة بيض؟!

كل هذا، ولا ننسى أن نفس الحكومة التي لا تعرف كيف تضبط أسعار الدجاج تتفنن في صناعة مآسي أخرى؛ من غلاء قنينة الغاز إلى نسيان ملفات الحماية الاجتماعية. وربما في يوم قريب سنسمع تصريحًا رسميًا يقول: “نوصي الشعب باستهلاك الخضر فقط، فهي بديل بروتيني جيد!”، ومعها سنسأل أنفسنا: متى تصبح الحكومة نفسها طعامًا لانتخابات قادمة؟

في هذا الوطن الذي كانت موائده تجمع كل الطبقات، يبدو أن الطبقة الفقيرة تُودّع ليس فقط اللحوم الحمراء، بل حتى فكرة المائدة نفسها. فشكرًا لهذه الحكومة، التي جعلتنا نرى كيف يمكن لسلعة بسيطة كالدجاج أن تتحول إلى رمزية لأزمة كبرى: أزمة وطن يبحث عن خبزه اليومي في غياب أي رؤية تُشبع جوعه أو تحترم كرامته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى