
العنف الأسري ضد الرجال: قضايا مسكوت عنها في العالم العربي
دابا ماروك
مقدمة: كسر الصورة النمطية
عندما يُذكر مصطلح “العنف الأسري”، يتبادر إلى الذهن تلقائيًا العنف ضد النساء والأطفال. ومع أهمية هذه القضايا، فإن الوجه الآخر للعنف الأسري، الذي يستهدف الرجال، يبقى إلى حد كبير في الظل. في العالم العربي، حيث تغلب التقاليد والأعراف المجتمعية التي تتوقع من الرجل أن يكون “قويًا” وغير قابل للكسر، يصبح الحديث عن هذا النوع من العنف أشبه بالمحرمات.
أشكال العنف ضد الرجال
العنف الأسري الذي يُمارس ضد الرجال لا يقتصر على العنف الجسدي فقط، بل يشمل أشكالًا متعددة، منها:
- العنف الجسدي:
- يُمارس عادة في سياقات غضب أو صراعات بين الزوجين.
- يشمل الضرب أو الإيذاء الجسدي المباشر.
- العنف النفسي والعاطفي:
- السخرية من الرجل أو انتقاص رجولته.
- التهديد المستمر أو الاستهزاء بقدراته.
- العنف الاقتصادي:
- السيطرة الكاملة على الموارد المالية للرجل.
- منع الرجل من التصرف بحرية في ماله أو إرغامه على الإنفاق بطرق معينة.
- العنف القانوني والاجتماعي:
- استغلال القوانين التي تنحاز في بعض الأحيان للمرأة في قضايا الطلاق أو الحضانة.
- التشهير بالرجل أو نشر تفاصيل حساسة عنه كوسيلة ضغط.
لماذا يُعتبر الموضوع مسكوتًا عنه؟
- وصمة العار المجتمعية:
- في المجتمعات العربية، يُعتبر الرجل رمز القوة والتحمل. الاعتراف بكونه ضحية عنف قد يُنظر إليه كدليل على ضعفه.
- قلة التوثيق والإحصائيات:
- معظم الدراسات والاستطلاعات تركز على العنف ضد المرأة، مما يجعل العنف ضد الرجال غير مرئي إحصائيًا.
- النظرة الأحادية للقوانين:
- القوانين في العديد من الدول العربية تركز بشكل أكبر على حماية النساء والأطفال، مع تجاهل كبير للرجال كضحايا محتملين.
- ضعف الوعي العام:
- هناك غياب كبير للحملات الإعلامية أو النقاشات العامة التي تسلط الضوء على هذه الظاهرة.
التأثير النفسي والاجتماعي على الرجال
- اضطرابات نفسية:
- الاكتئاب، القلق، واضطرابات ما بعد الصدمة.
- شعور بالذنب أو العار من طلب المساعدة.
- تأثير على العلاقات الأسرية:
- انعدام الثقة بين الزوجين.
- التأثير السلبي على تربية الأطفال بسبب الصراعات المستمرة.
- انعكاسات مهنية واجتماعية:
- تراجع الأداء المهني.
- انعزال اجتماعي وخسارة شبكات الدعم.
كيف يمكن معالجة القضية؟
- كسر الصمت عبر التوعية:
- إطلاق حملات توعوية تسلط الضوء على العنف الأسري ضد الرجال كقضية إنسانية وليس كعيب اجتماعي.
- تضمين هذا الموضوع في النقاشات الإعلامية والندوات.
- تعزيز القوانين لحماية الجميع:
- مراجعة القوانين لضمان حماية شاملة لجميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الرجال.
- دعم مؤسساتي ونفسي:
- توفير مراكز استقبال واستشارات للرجال ضحايا العنف.
- تعزيز الدعم النفسي والتوعية بمفهوم الذكورة الصحية.
- إجراء دراسات وأبحاث:
- تشجيع الأبحاث التي تسلط الضوء على هذا النوع من العنف.
- جمع بيانات دقيقة لإظهار حجم الظاهرة.
نموذج للتغيير الاجتماعي
في بعض الدول العربية التي بدأت بتناول هذا الموضوع بحذر، تم إنشاء خطوط مساعدة سرية تتيح للرجال التحدث عن معاناتهم دون خوف. مثل هذه المبادرات يمكن أن تُحدث تحولًا تدريجيًا في الوعي المجتمعي.
خاتمة
العنف الأسري ضد الرجال ليس قضية “ضعف” أو “إحراج”، بل هو واقع يحتاج إلى مواجهة. التصدي لهذه الظاهرة يتطلب مواجهة الأعراف التي تحول دون اعتراف الرجل بمعاناته والعمل على تعزيز بيئة آمنة للجميع داخل الأسرة.
إذا تم الاعتراف بهذه القضية بشكل جدي، فإن ذلك سيُساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وشمولية.