مجتمع

المحمدية تحت الحصار: غياب الرئاسة واستمرار التهميش!

م-ص

في ظل التحولات والتحديات التي تشهدها مدينة المحمدية، من الواضح أن المجلس الجماعي يتحمل المسؤولية الكاملة في هذا التراجع الخطير الذي تعيشه المدينة. فبالرغم من أهمية المدينة كإحدى أبرز الحواضر المغربية التي تحتضن تاريخًا طويلًا وموقعًا استراتيجيًا، فإن الوضع الحالي يعكس عجزًا في القيادة المحلية وغيابًا تامًا لاستراتيجيات التنمية المستدامة. إن تدهور الوضع البيئي، وارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم مشاكل النقل والمرافق العامة، كلها مؤشرات على غياب رؤية شاملة وعملية لإعادة تأهيل المدينة وتحقيق نهضة حقيقية.

الانتكاسات التي تعرفها المحمدية، من تفشي الفوضى العمرانية إلى تدهور الخدمات الأساسية، هي نتيجة مباشرة للقصور في التدبير الجماعي الذي لا يزال يغفل الحاجات اليومية للمواطنين. كما أن ضعف التنسيق بين مختلف المصالح والمجلس المحلي يعمق الأزمة بشكل مستمر، دون أي محاولات جادة لتصحيح المسار. هذا التراجع المؤسف في العديد من المجالات يفرض على المسؤولين المحليين إلقاء نظرة فاحصة على أداء المجلس الجماعي واتخاذ قرارات فورية للتصدي لهذا الوضع المتردي، بما يتماشى مع متطلبات المدينة والمواطنين.

تدهور البيئة والتلوث الصناعي

المحمدية، التي كانت تشتهر بجمال بيئتها ومناخها المعتدل، أصبحت اليوم تعاني من مشاكل بيئية خطيرة. المحطة الحرارية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء ومدابغ الجلود، من الوحدات التي تُعد من أهم أسباب التلوث في المدينة. المحطة الحرارية، التي تعمل بالوقود الأحفوري، تساهم بشكل كبير في تلوث الهواء، حيث تنبعث منها غازات ملوثة تحتوي على مواد ضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، مما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء في المناطق المحيطة بها.

وما يزيد من حدة المشكلة هو الغبار الكثيف الذي تتسبب فيه المحطة الحرارية، والذي يؤثر بشكل خاص على سكان المناطق العليا من المدينة. هذا الغبار لا يتوقف عند كونه مجرد ملوث بصري، بل يحمل في طياته موادًا كيميائية تؤثر على صحة السكان بشكل مباشر، ما يؤدي إلى زيادة حالات الأمراض التنفسية وأمراض القلب والشرايين. الغبار والتلوث الناتج عن المحطة الحرارية يمثلان معضلة خطيرة تؤثر على حياة المواطنين، وخاصة في غياب استخدام المعايير الدولية في الحد من هذه الظاهرة.

رغم الجهود المبذولة من قبل السلطات للحد من التلوث الصناعي، إلا أن النتائج لا تزال دون المستوى المطلوب. ورغم وجود بعض الخطط لتقليل الانبعاثات الضارة، إلا أن المحطة لا تعتمد بشكل كافٍ على التقنيات الحديثة التي تلتزم بالمعايير البيئية الدولية. التلوث لا يقتصر على الهواء فقط، بل يمتد أيضًا إلى المياه والتربة. النفايات الصناعية الناتجة عن المحطة تساهم في تدهور التربة الزراعية والحدائق، ما يؤثر سلبًا على البيئة العامة للمدينة ويزيد من معاناة سكان المناطق المحيطة.

النمو العمراني العشوائي

شهدت المحمدية طفرة عمرانية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الطفرة غالبًا ما كانت على حساب التخطيط الحضري السليم. حيث تزايدت عمليات البناء غير المنظم، خاصة في المناطق المحاذية للملك البحري، ما يشكل تهديدًا للبيئة ويزيد من تعقيد المشهد العمراني. هذا النمو العشوائي يعود جزئياً إلى التواطؤ في مجال التعمير، حيث تغاضت بعض الجهات المعنية عن تطبيق قوانين التنظيم الحضري، مما أدى إلى انتشار بنايات غير مرخصة وغير مطابقة للمعايير المعتمدة.

تنتشر بعض الأحياء التي تفتقر إلى التخطيط السليم، ما يؤثر سلبًا على البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الطرق، الماء، والكهرباء. وتساهم هذه الظاهرة في تفاقم مشاكل النقل والازدحام، وتزيد من الضغط على الخدمات العامة التي أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات السكان. هذا الوضع يجعل المدينة تعاني من فوضى في توزيع السكن والمرافق العامة، ويؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الجميع.

معضلة النقل والازدحام

تعد معضلة النقل والازدحام من أبرز التحديات التي تواجه مدينة المحمدية، حيث أصبحت هذه المشكلة تؤثر بشكل كبير على حياة السكان. مع تزايد عدد السكان بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، إلى جانب النمو الكبير في عدد السيارات الخاصة والشاحنات، تشهد الطرق الرئيسية اختناقات مرورية شبه دائمة، وخاصة في أوقات الذروة. وفي عطل نهاية الأسبوع وفصل الصيف، تصبح هذه الاختناقات أكثر تعقيدًا، حيث يزداد الضغط على الشوارع نتيجة لزيادة الحركة داخل المدينة وعلى طول الواجهة البحرية، مما يسبب ازدحامًا خانقًا ويزيد من أوقات التنقل بشكل غير مقبول.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني قطاع النقل العمومي من نقص حاد في التنظيم والجودة. رغم الحاجة الملحة إلى تحسين وتوسيع الشبكة، إلا أن وسائل النقل العامة لا تزال غير قادرة على تلبية احتياجات السكان بشكل كافٍ. الحافلات التي تنقل المواطنين غالبًا ما تكون مكتظة وغير مريحة، وتفتقر إلى المواعيد المنتظمة، ما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعتمدون عليها في تنقلاتهم اليومية. هذه المشكلة تتفاقم خاصة في أوقات الذروة عندما تكون معظم الحافلات غير كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الركاب.

أما بالنسبة للطرقات، فإن أغلبها ضيقة وغير منظمة، مما لا يساعد على انسيابية المرور. الطرقات التي تمتد على طول شارع محمد السادس وشارع المقاومة، على سبيل المثال، أصبحت نقاطًا مرورية مهمة، حيث يُفرض على السيارات والشاحنات المرور من هذه الشوارع بدلاً من استغلال مسارات أخرى لتخفيف الضغط على وسط المدينة. مما يجعل التنقل في المدينة.

كل هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تدهور نوعية الحياة في المدينة، حيث يضطر المواطنون إلى قضاء ساعات طويلة في التنقل، ما يؤثر على قدرتهم على قضاء وقتهم مع عائلاتهم أو في نشاطاتهم الشخصية. الحاجة الملحة لتطوير شبكة النقل العمومي، وتوسيع الطرقات، وإعادة تنظيم حركة المرور أصبحت أمرًا لا يمكن تأجيله، لتخفيف الضغط على المدينة وتحسين جودة الحياة لمواطنيها.

واقع الثقافة والرياضة

لطالما كانت مدينة المحمدية تُعرف بجاذبيتها الرياضية والثقافية، حيث كان لها دور بارز في احتضان العديد من الفعاليات الرياضية الكبرى والمهرجانات الثقافية التي تُساهم في تنمية مواهب الشباب وتشجيع الأنشطة الترفيهية والتربوية. ولكن، في السنوات الأخيرة، شهد هذا القطاع تراجعًا ملحوظًا، مما أثر بشكل كبير على الهوية الرياضية والثقافية للمدينة.

الرياضة: كان للمحمدية نصيب وافر من فرق رياضية قوية وأندية تمثل مرجعية في المنطقة، خاصة في كرة القدم وكرة اليد وبعض الرياضات الفردية. هذه الأندية كانت تُعتبر مركزًا لتطوير الرياضيين والموهوبين. إلا أن هذه الفرق الرياضية بدأت تعاني في الآونة الأخيرة من نقص الدعم المادي والمعنوي. فقد تكالبت عليها أيادي التخريب، مما أثر على قدرتها على التنافسية.

إضافة إلى ذلك، فإن غياب التسيير المحترف والعشوائية في الإدارة يُعد من أبرز الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع. قد تعاني الأندية من مشاكل في اختيار الكوادر الفنية والإدارية المؤهلة، مما ينعكس سلبًا على أداء اللاعبين وعلى النتائج المحققة. كما أن غياب التنسيق بين الأندية والجهات المحلية يساهم في عزلة هذه الأندية عن الفرص والموارد المتاحة في بقية المدن الكبرى، وهو ما يجعلها تجد صعوبة في المنافسة على المستوى الوطني والدولي.

الثقافة: كانت المحمدية من المدن التي تزخر بالأنشطة الثقافية المتنوعة التي تشمل المسرح، الفن التشكيلي، الأدب، والموسيقى. ومع ذلك، فإن الفضاءات الثقافية في المدينة تشهد تدهورًا ملحوظًا. المسارح والمراكز الثقافية التي كانت تمثل وجهة للفنانين والمبدعين أصبحت مهملة، وفي بعض الحالات، مغلقة لفترات طويلة. كما أن قلة الفعاليات الثقافية في المدينة قد ساهمت في تراجع الحياة الثقافية، حيث أصبحت الأنشطة الثقافية شبه غائبة، مما يؤدي إلى فقدان الأجيال الجديدة لفرص اكتشاف مواهبهم أو التواصل مع تاريخهم الثقافي.

ومع تزايد الضغط الاجتماعي والاقتصادي على سكان المدينة، فإن الأنشطة الثقافية التي كانت تشكل متنفسًا للشباب والمواطنين أصبحت ضحايا غياب الدعم اللازم من الجهات المعنية. قلة المهرجانات والأنشطة الثقافية في المدينة تعني أيضًا غياب فرص التنوع والإبداع في المجتمع المحلي، مما يحد من إمكانيات تحفيز الفئات الاجتماعية على الانخراط في الأنشطة الثقافية والرياضية.

التحديات المشتركة: إن العشوائية في التسيير سواء في المجال الرياضي أو الثقافي تكشف عن ضعف التنسيق بين الهيئات المحلية والمجتمع المدني. كما أن غياب رؤية استراتيجية موحدة للنهوض بالقطاعين الرياضي والثقافي يزيد من تفاقم المشكلة. كانت المحمدية في وقت مضى قبلة للعديد من الأنشطة الرياضية والثقافية، ولكنها اليوم تواجه خطر فقدان هذه المزايا بسبب الإهمال والافتقار إلى الإدارة الفعالة.

إذا كانت المدينة تسعى فعلاً إلى استعادة مكانتها كمركز رياضي وثقافي مميز، يجب على الجهات المعنية أن تضع خططًا شاملة للنهوض بالبنية التحتية، وتوفير الدعم الكافي للأندية الرياضية والفنانين، مع ضرورة تفعيل البرامج التي تشجع على تطوير المواهب وتحفيز الإبداع في كل المجالات.

حرمان الجمعيات المحلية من دعم الجماعة: تحدٍ سافر للعمل الجمعوي في المدينة

تعتبر الجمعيات المحلية أحد الركائز الأساسية التي تساهم في تطوير المجتمع المحلي وتحسين جودة حياة السكان، حيث تقوم هذه الجمعيات بتنظيم الفعاليات الثقافية والرياضية، وتقديم الدعم الاجتماعي، والمساهمة في العديد من المجالات التي تهم المواطنين. ومع ذلك، تشهد الجمعيات في مدينة المحمدية تحديًا كبيرًا في الحصول على الدعم اللازم من المجلس الجماعي، مما يعكس تجاهلًا صارخًا لأهمية العمل الجمعوي في المدينة.

من خلال تجاهل الاحتياجات المالية والإدارية لهذه الجمعيات، يقوم المجلس الجماعي بفرض عراقيل كبيرة أمام تطور الأنشطة والمبادرات المحلية. فعلى الرغم من التزام الجمعيات بتقديم خدمات حيوية ومؤثرة على مستوى الأحياء الشعبية والطبقات الاجتماعية الأكثر هشاشة والنهوض ببعض الفروع الرياضية، إلا أن العديد منها يعاني من نقص التمويل الذي يعوق قدرتها على تنفيذ برامجها.

العديد من الجمعيات التي كانت تشكل مرجعية في المدينة في مجالات مختلفة، بدءًا من الأنشطة الثقافية والتربوية إلى برامج الدعم الاجتماعي، تواجه الآن صعوبة كبيرة في الحصول على الدعم المادي والمعنوي من المجلس الجماعي الذي حرم الجميع من الدعم في تحد سافر للعمل الجمعوي.

هذا التهميش غير المبرر للجمعيات المحلية يتناقض تمامًا مع الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الجمعيات في المجتمع. فالعمل الجمعوي يتطلب التزامًا من جميع الأطراف، وخاصة من المجلس الجماعي، لضمان استدامة الأنشطة وتوسيع نطاقها. لكن التسيير العشوائي، وحرمان الجمعيات الجادة من الدعم، وغياب آلية واضحة لتخصيص الموارد للجمعيات، يعيق نمو العمل الجمعوي ويزيد من إحباط القائمين على هذه المبادرات.

إن حرمان الجمعيات المحلية من الدعم يمثل تحديًا كبيرًا ليس فقط للأنشطة التي تقدمها، ولكن أيضًا للمجتمع ككل، حيث أن هذه الجمعيات تشكل صلة وصل بين المواطنين والسلطات المحلية، وتعزز من قيم التضامن والمشاركة المجتمعية. وبالتالي، فإن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تراجع حاد في فعالية العمل الجمعوي، ويزيد من الفجوة بين المواطنين والمجلس الجماعي.

انتشار الكلاب الضالة: تهديد للأمن والصحة العامة

من بين القضايا البيئية والاجتماعية اتي أصبحت تؤرق سكان مدينة المحمدية بشكل كبير، تبرز مشكلة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع والأحياء السكنية كأحد أبرز التحديات التي تواجهها المدينة. لم تعد هذه الظاهرة مجرد مشكلة بيئية، بل أصبحت تهدد الأمن العام والصحة العامة بشكل مباشر، وتثير حالة من القلق المستمر لدى المواطنين.

الكلاب الضالة أصبحت تمثل خطرًا متزايدًا على حياة المارة، حيث تسببت في العديد من الحوادث، خاصة في الأماكن المكتظة مثل المدارس، الأسواق، والمراكز التجارية. في العديد من الحالات، تعرض سكان المدينة إلى عضات من هذه الكلاب، ما يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل داء الكلب، الذي يعد من الأمراض الفتاكة. وأكثر ما يثير القلق هو أن هذه الحيوانات الضالة لا تقتصر على مجرد التواجد في الأحياء السكنية، بل تُشاهد بشكل مستمر في المناطق الحيوية التي يرتادها المواطنون بشكل يومي، مما يعزز من حالة الرعب والذعر بينهم.

وجود الكلاب الضالة في الأماكن العامة يتسبب أيضًا في تراكم النفايات والفوضى، حيث تفتقر المدينة إلى برامج فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة. في غياب حلول حاسمة، لا تزال الأحياء تتعرض لانتشار الكلاب في الشوارع وعلى الأرصفة، مما يعمق من حالة الإهمال البيئي. إضافة إلى ذلك، يساهم وجود هذه الحيوانات في نشر الأمراض المنقولة عبر الحيوانات، مثل الطفيليات والفيروسات التي تشكل تهديدًا للصحة العامة، بما في ذلك الأطفال وكبار السن الذين هم أكثر عرضة للإصابة.

إن غياب إستراتيجية شاملة للتعامل مع هذا التحدي، سواء من خلال حملات تعقيم الكلاب الضالة أو تحسين آليات الرقابة على الحيوانات في المدينة أو جمعها في مكان خاص، يزيد من حدة المشكلة. هذا التراخي من المسؤولين يفاقم حالة التوتر والقلق في صفوف السكان، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من المجلس الجماعي والسلطات المعنية لوضع حد لهذه الظاهرة التي تهدد صحة وأمن المواطنين.

البطالة وتحديات الشباب: أزمة مستمرة رغم التوسع الصناعي

تعتبر البطالة من أكبر التحديات التي تواجه مدينة المحمدية، خاصة بين فئة الشباب التي تجد نفسها في مواجهة صعوبات اقتصادية واجتماعية كبيرة. ورغم توسيع المنطقة الصناعية بالمدينة ووجود العديد من المنشآت الاقتصادية الكبيرة التي تقع بالقرب منها، إلا أن الفرص المهنية لا تزال محدودة وغير كافية لتلبية احتياجات السكان، مما يفاقم أزمة البطالة في المدينة.

التحديات الاقتصادية والشبابية: رغم كون المحمدية جارة للدار البيضاء، المدينة الاقتصادية الأكبر في المغرب، فإن هذا القرب لم يُترجم إلى فرص عمل حقيقية للشباب. المنطقة الصناعية، التي كان من المفترض أن توفر فرص عمل متنوعة، لا تلبي الطموحات ولا تواكب احتياجات القوة العاملة المتزايدة. ففي حين أن بعض الشركات الصناعية الكبرى قد توفر فرص عمل محدودة، إلا أن العدد الإجمالي لتلك الفرص يظل ضئيلاً مقارنة بعدد الباحثين عن عمل، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل مستمر.

غياب التنسيق بين الجهات المعنية: العديد من الجهات المعنية، بدءًا من المجالس الجماعية وصولاً إلى الوزارات الحكومية المعنية بالتنمية الاقتصادية، تتحمل جزءًا من المسؤولية في هذا الوضع. فغالبًا ما تفتقر الخطط التنموية في المدينة إلى استراتيجيات واضحة وفعّالة تستهدف خلق فرص عمل مستدامة للشباب.

الآثار الاجتماعية الخطيرة: البطالة المستمرة لا تؤثر فقط على الاقتصاد المحلي، بل تؤدي أيضًا إلى انتشار ظواهر اجتماعية مقلقة مثل الانحراف والجريمة. يواجه العديد من الشباب اليأس والإحباط بسبب قلة فرص العمل، ما يدفعهم إلى البحث عن بدائل خارج إطار العمل الرسمي. في غياب الدعم الكافي والفرص الاقتصادية، يلجأ البعض إلى الأنشطة غير القانونية مثل التهريب أو الاتجار بالمخدرات، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في المدينة. هذه الأنشطة تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاجتماعي وتساهم في تفشي الجريمة.

التحديات المستقبلية: إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المحمدية ستظل تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، وستزيد فرص التهميش والانزلاق الاجتماعي. من الضروري أن تتبنى الجهات المعنية استراتيجيات تنموية تركز على توفير فرص العمل المناسبة، وتطوير قطاع الصناعات المحلية، وتحفيز استثمار المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تساهم في امتصاص البطالة. كما يجب تعزيز برامج التدريب والتأهيل المهني للشباب لكي يتمكنوا من المنافسة في سوق العمل.

إن معالجة أزمة البطالة في المحمدية تتطلب جهودًا منسقة ومشاركة فعّالة من جميع الأطراف المعنية، بداية من المجلس الجماعي إلى القطاع الخاص، بهدف خلق بيئة اقتصادية تُوفر فرص العمل وتحسن من الوضع الاجتماعي للشباب.

دور المجلس الجماعي في مواجهة التحديات الكبرى للمحمدية: غياب الرئاسة والرؤية

في خضم التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه مدينة المحمدية، يظل السؤال الأبرز: أين هو المجلس الجماعي للمحمدية في هذه الأزمة؟ فالمجلس، الذي يُفترض أن يكون في صدارة المسؤولين عن معالجة مشاكل المدينة وتحسين الوضع المعيشي للسكان، يبدو غائبًا بشكل غير مبرر عن تقديم حلول عملية وملموسة. ففي وقت تتفاقم فيه ظواهر البطالة، وتنتشر فيه الكلاب الضالة في الشوارع، ويتدهور فيه قطاع النقل والمرافق العامة، لا نرى أي دور فاعل للمجلس في تصحيح المسار.

غياب التواصل والمبادرات الفعّالة

من الأمور التي تثير الاستفهام، هو غياب التواصل الفعّال من قبل المجلس الجماعي مع المواطنين. فبدلاً من الانشغال بحل القضايا الحيوية التي تهم المواطن اليومي، نجد المجلس في كثير من الأحيان يكتفي بالصمت، أو حتى في بعض الأحيان يشهد فترة من الغياب شبه التام، مما يجعل العديد من المواطنين يشعرون بعدم الاهتمام بهم. إن غياب الحوار والمشاركة بين المجلس والجماهير يؤدي إلى مزيد من العزلة وعدم الثقة في السلطة المحلية، ويجعل من الصعب معرفة حقيقة ما يجري على أرض الواقع.

وما يزيد من حدة المشكلة هو عدم وجود خطط واستراتيجيات واضحة لمعالجة الأزمات المستمرة التي تعيشها المدينة. على سبيل المثال، كان من المفترض أن يتخذ المجلس الجماعي خطوات فورية وملموسة لتنظيم الشوارع، محاربة التلوث، ومعالجة مشاكل البطالة، لكن هذه القضايا لا تزال تراوح مكانها. عوضًا عن ذلك، نرى المجلس في بعض الأحيان يتورط في انشغالات لا علاقة لها بمصالح المدينة، مثل الترويج الشعبوي وصد الإشاعات التي تحاول التشويش على سكان بعض الأحياء.

الاهتمام بالوداد البيضاوي على حساب المدينة

من الغريب أن نلاحظ أن الرئيس الحالي للمجلس الجماعي، الذي من المفترض أن يكون في صلب اهتماماته خدمة المدينة وتطويرها، يظهر في بعض الأحيان غارقًا في شؤون فريق الوداد البيضاوي أكثر من اهتمامه بمشاكل المحمدية الحقيقية. الرئيس الذي كان قد صرح مسبقًا بأنه لن يترشح في المحمدية خلال الاستحقاقات القادمة، ويُعتقد أنه يخطط للترشح في مدينة الدار البيضاء، لا يبدو أنه يستثمر الوقت الكافي في تحسين أوضاع المدينة التي يترأسها حاليًا. هذا التوجه يثير العديد من التساؤلات حول دوافعه الحقيقية لدخول معترك السياسة. فهل كان هدفه فعلاً خدمة المدينة، أم أن هناك دوافع أخرى؟ ومن المعروف أن الرئيس سبق له أن ترك خلفًا له في نادي شباب المحمدية بعد أن أتم مهمته في رئاسة الفريق، وهو ما يثير المخاوف لدى المواطنين من احتمال أن يكرر نفس السيناريو في رئاسة المجلس الجماعي، مغادرًا المدينة مع انتهاء ولايته، تاركًا إياها تواجه تحدياتها بمفردها.

عدم الإيفاء بالوعود والتخلي عن مسؤولياته

هذا الوضع يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية اتخاذ قرارات المجلس الجماعي ومن هم المسؤولون عن توجيه السياسات في المدينة. في الوقت الذي كان فيه من المفترض أن يكون المجلس الجماعي حلاً فعّالًا لتحديات المدينة، يبدو أن الكثير من القرارات تُتخذ بطريقة غير مدروسة أو تُتجنب تمامًا. وهذا يؤدي إلى استمرار المشاكل مثل غياب فرص العمل، تدهور البيئة، انتشار الكلاب الضالة، وتدهور البنية التحتية.

إن هذا الوضع يعكس فشلًا واضحًا في الإدارة المحلية ويزيد من حدة الإحباط بين المواطنين الذين باتوا يرون أن المدينة تُترك لتعاني من مشكلاتها دون أي تدخل حقيقي من قبل المسؤولين. وعوضًا عن محاولة إنقاذ الوضع وتحقيق التقدم، يبدو أن المجلس الجماعي غارق في الخلافات الداخلية والمصالح الشخصية لبعض أعضائه، وهو ما ينعكس سلبًا على المدينة وسكانها.

الحاجة إلى رئاسة حقيقية

في النهاية، ما تحتاجه مدينة المحمدية اليوم هو قيادة محلية قادرة على وضع استراتيجيات حقيقية لتحسين الأوضاع. القيادة يجب أن تكون قادرة على التفاعل مع التحديات الميدانية، إقرار حلول جذرية لمشاكل البطالة، تحسين المرافق العامة، ضمان الأمن، وتعزيز التنمية الاقتصادية. إن غياب هذه القيادة يهدد ليس فقط استقرار المدينة، بل أيضًا يعرقل آفاق تطورها في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى