مجتمع

المواطن المغربي: شعور باليُتم في وطنه؟

دابا ماروك

في أحيان كثيرة، ينتاب المواطن المغربي شعور باليُتم وهو داخل وطنه، وكأن هناك فجوة عميقة تفصله عن حقه الأساسي في حياة كريمة. هذا الإحساس لا يأتي من فراغ، بل تغذيه وقائع يومية ومعاناة مستمرة، من غلاء المعيشة إلى ضعف الخدمات الأساسية، مما يجعله يشعر بأن وطنه لم يعد يحتضنه بالحنان الذي يستحقه، بل يُثقل كاهله بالمشاق.

الواقع المُر: مواطنون على الهامش

حين ينظر المغربي إلى وضعه اليومي، يجد نفسه في معركة دائمة لتأمين قوت يومه، وسط ارتفاع مستمر للأسعار وشح في المواد الأساسية. هذه الأزمة التي باتت تزداد حدة، تطرح تساؤلات حول دور الدولة في حماية الفئات الأكثر هشاشة وضمان حقهم في العيش الكريم.

الصدمة الكبرى تأتي عندما يقارن المواطن المغربي وضعه بمن هم في أماكن أخرى، حتى أولئك الذين يعيشون خلف قضبان السجون في بعض الدول الأوروبية. ففي حين يحظى السجناء هناك بوجبات غذائية متوازنة، وخدمات طبية وتعليمية مجانية، يضطر الكثير من المغاربة الأحرار للوقوف في طوابير طويلة للحصول على أساسيات الحياة، أو حتى التخلي عن بعضها تحت وطأة الحاجة.

المفارقة المؤلمة

في أوروبا، يُنظر إلى السجين كإنسان له حقوق يجب أن تُحترم، بغض النظر عن جريمته. يحصل على الطعام الصحي، والعناية الطبية، والتعليم إذا أراد. أما في المغرب، فالمواطن الذي يُفترض أن يعيش في وطنه بحرية وكرامة، غالبًا ما يُترك لمصيره، يُصارع من أجل لقمة عيش، ويواجه تحديات الحياة دون شبكة أمان اجتماعية كافية.

هذه المفارقة تجعل المواطن المغربي يتساءل: أليس لي الحق في حياة تضمن لي أبسط متطلبات الكرامة؟ لماذا يبدو وكأن هناك أولويات أخرى تتقدم على رفاهيته وحقوقه؟

بين التهميش والمسؤولية

الواقع المغربي اليوم يعكس حالة من التهميش التي يشعر بها شريحة واسعة من المواطنين، خاصة في الأحياء الفقيرة والقرى النائية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هناك جهودًا تُبذل لتحسين الأوضاع، ولكنها غالبًا ما تكون غير كافية لمواكبة حجم التحديات.

من جهة أخرى، تقع على المواطن مسؤولية التحرك للمطالبة بحقوقه بطرق سلمية وقانونية، وتشجيع المحاسبة والشفافية في تسيير الشأن العام.

دعوة للتغيير

لإعادة الأمل للمغاربة، يجب على المسؤولين وضع الإنسان في قلب السياسات العامة، والاستثمار في تحسين الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والنقل، إلى جانب وضع آليات لمواجهة غلاء المعيشة. فالكرامة الإنسانية لا يجب أن تكون موضوعًا للمساومة أو التهاون.

في النهاية، يظل المغرب وطنًا غنيًا بإمكاناته وثرواته، لكن المواطن يحتاج إلى أن يشعر بأنه في بيت يحترم كرامته ويحتضنه بحب ومسؤولية. بدون ذلك، سيبقى إحساس اليُتم حاضرًا، وسيستمر السؤال: متى يحظى المغربي بحقوقه الكاملة كإنسان في وطنه؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى