مجتمع

الطعنة التي تأتي من أقرب الناس: عندما يضحي القلب ويقابَل بالجحود

م-ص

قد تجد نفسك يومًا ما، وقد قدمت روحك وعمرك قربانًا لأقرب الناس إليك، أولئك الذين حسبتهم امتدادًا لقلبك، زادًا لروحك، وملاذًا في لحظات الانكسار. تبني لهم جسور الأمل، تحارب في ميادين الحياة لإسعادهم، وتكبح كل رغباتك لتمنحهم ما تحتاجه قلوبهم، ولو كان على حساب دمك وراحتك. لكن، فجأة، تأتي الطعنة… من اليد التي اعتقدت أنها كانت تمسك بك لحمايتك، من العين التي رأيتها تنظر إليك بحب، ومن القلب الذي ظننت أنك تملك جزءًا منه.

الجرح هنا ليس كأي جرح. إنه طعنة صامتة، باردة، تغوص في أعماق الروح، حيث لا ينفع معها بلسم، ولا تكفي كل كلمات المواساة لاحتوائها. إنه الظلم، ذلك الشعور القاسي بأن تضحياتك، التي كنت تراها شرفًا وفخرًا، قوبلت بالخيانة أو التجاهل.

لماذا تكون الطعنة من الأقرب مؤلمة جدًا؟

لأنك لم تكن تتوقعها. لأنك زرعت الحب في أرضهم وارتويت من نبع وجودهم، فإذا بك تجد الحصاد شوكًا يعمي عينيك. الجرح يصبح أعمق لأن الذكريات الجميلة تتكدس على قلبك، وكأنها توبخك: “ألم يكن هذا من أعطيته ظهري ليحميه؟ ألم يكن هذا من رأى دموعي وخوفي؟ ألم يكن هذا من ظننت أنه لن يخذلني؟”

الظلم من الأحبة: عندما يتحول الحلم إلى كابوس

الظلم مؤلم دائمًا، لكن أن يأتي من شخص ضحيت من أجله، فذلك يجعل الكابوس حقيقة. ربما يكون الظلم في شكل كلمات جارحة، أو خيانة ثقة، أو مجرد تجاهل متعمد لكل ما فعلته من أجلهم. حينها تدرك، بشيء من الحسرة، أن التضحيات لا تُقيّم دائمًا، وأن الامتنان ليس شعورًا مشتركًا عند الجميع.

كيف يستمر المرء بعد هذا الجرح؟

  1. التوقف للحظة والتفكير:
    لا تلم نفسك لأنك أحسنت إليهم. الخير جزء من طبيعتك، ولن تغيره خيانة شخص أو جحوده. لكن، تذكّر أن الخير يحتاج حدودًا، وأن حب النفس لا يعني الأنانية.
  2. الغفران، ولكن بحذر:
    الغفران ليس ضعفًا، لكنه شجاعة لترك الماضي. مع ذلك، لا تجعل الغفران بابًا مفتوحًا ليكرروا جرحك.
  3. الحفاظ على الكرامة:
    تذكّر أنك فعلت ما فعلت بكرامة وشرف. لا تنظر إلى الوراء كضحية، بل كإنسان قوي، تعلم درسًا قاسيًا من الحياة.
  4. إعادة ترتيب الأولويات:
    الحياة ليست دائمًا عادلة، لكنك تستحق أن تحيط نفسك بمن يقدّرونك حقًا. دع الدروس المؤلمة توجهك نحو دوائر أكثر أمانًا.

رسالة إلى كل من جُرح من الأحبة

لا تأسف على خير فعلته، فالله يرى، ولن يضيع أجر المحسنين. قد يكون الجرح مؤلمًا، لكنه يُعيد تشكيلك بشكل أقوى، ويمنحك حكمة لا تُشترى. أما أولئك الذين اختاروا أن يخسروا إنسانًا كان عونًا وسندًا لهم، فهم الخاسرون الحقيقيون.

ومهما كانت الخيانة موجعة، تذكّر أنك لم تخن نفسك، ولم تنكر طيبتك. استمر بالمضي قدمًا، فالشمس لا تتوقف عن الإشراق بسبب نافذة أغلِقت في وجهها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى