
فضيحة سياسية في فرنسا: ميشيل بارنييه يتلقى “صفعة” برلمانية مدوية!
دابا ماروك
في مشهد سياسي يشبه دراما تلفزيونية مشوقة (مع قليل من الكوميديا السوداء)، وجدت حكومة رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه نفسها خارج الملعب بعد تصويت الجمعية الوطنية على حجب الثقة عنها. والأدهى من ذلك، أن هذا القرار جاء بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه منصبه. نعم، ثلاثة أشهر فقط! بالكاد شرب الرجل قهوته الصباحية في مقر الحكومة، حتى وجد نفسه يحمل أغراضه الشخصية ويغادر.
لكن المفاجأة الكبرى ليست في سقوط الحكومة فحسب، بل في الكيفية التي حدث بها ذلك. لأول مرة منذ عهد الديناصورات البرلمانية (حسنًا، منذ أكثر من 60 عامًا)، أجمعت قوى سياسية متناقضة على توجيه الضربة القاضية لحكومة بارنييه. كيف؟ حسنًا، تخيلوا مشهدًا ساخرًا حيث يجتمع اليسار المتشدد الذي يرفع شعار “ثورة الشعب” مع اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان التي لا يمكن أن تترك فرصة دون أن تقول “فرنسا أولًا!”، على هدف مشترك: إسقاط ميشيل المسكين.
بارنييه بين “المطرقة والسندان“
كان بارنييه في موقف أشبه بلعبة شد الحبل. من جهة، كان اليسار المتشدد يصرخ: “أنت رمز للأوليغارشية وممثل للنخب التي نسيناها!”، ومن جهة أخرى، كانت لوبان تقول: “الحكومة ضعيفة، والبلاد تحتاج إلى من يعيد هيبتها!”، وبين هذا وذاك، كان بارنييه يحاول التمسك بكرسيه وهو يردد: “يا جماعة، أنا فقط وصلت!”.
الجمعية الوطنية، التي تُشبه ملعب كرة قدم حيث يتحول النقاش إلى مباراة ملاكمة أحيانًا، شهدت تصويتًا دراميًا أيده 331 نائبًا. الرقم؟ يتجاوز بكثير الأغلبية المطلوبة. الرسالة واضحة: بارنييه، لا أحد يريدك هنا.
اليسار واليمين… أصدقاء ليوم واحد؟
المفارقة العظمى هي هذا “التحالف” الغريب بين اليسار واليمين المتطرف. يومًا ما، إذا كتب التاريخ هذه الواقعة، سيُذكر أن اليساريين الذين كانوا ينادون بالاشتراكية، واليمينيين الذين يرونها مرادفًا للجحيم، قرروا أن يتصافحوا لمجرد إسقاط بارنييه.
ربما كان المشهد أشبه بحفلة عائلية قرر فيها الجميع توجيه اللوم للابن الأوسط، رغم أن المشاكل كلها بسبب الأب.
الشارع الفرنسي… “فرجة ببلاش“
وفي الوقت الذي كانت تُجرى فيه هذه المناورات السياسية داخل البرلمان، كان الشارع الفرنسي يعيش أجواء ساخرة بامتياز. الفرنسيون، المعروفون بحبهم للتظاهر والاحتجاج، استقبلوا الخبر كالعادة:
- بعضهم أشعل شموعًا وكأن البلاد دخلت فترة حداد سياسي.
- آخرون بدأوا يخططون لمظاهرات جديدة. شعارها؟ “بارنييه سقط، لكن الباقي قادم!”
رسالة بارنييه الأخيرة
وبينما يهم ميشيل بارنييه بجمع أغراضه في مكتبه (مع قليل من الدموع، ربما)، قد يتساءل: هل يستحق الأمر كل هذا؟ الرجل لم يمضِ سوى ثلاثة أشهر، بالكاد تعلم أسماء بعض موظفيه، وحتى خريطة المكاتب الحكومية ربما لم يكمل استيعابها.
لكن لا تقلق، ميشيل! في فرنسا، كل شيء ممكن. ربما تكون قد خسرت اليوم، لكن من يدري؟ قد يُعاد انتخابك غدًا… أو ربما تُصبح بطلًا في فيلم سياسي كوميدي يُحاكي هذا الفصل من حياتك.
خاتمة
فرنسا، التي عُرفت بثوراتها وشعاراتها، أضافت اليوم صفحة جديدة لكتابها المثير. في هذا البلد، لا شيء مستحيل، لا التحالفات الغريبة ولا سقوط الحكومات. لذا، إذا كنت رئيس حكومة في فرنسا، تذكر: لا تُعلّق صورك على الحائط، فقد تضطر لإزالتها قريبًا!