صفقات على الهامش: كيف تُهدر الجماعات الترابية المال العام بين الإهمال والفساد؟
دابا ماروك
بأسلوب يوحي بالحزم، بدأ قضاة المجلس الأعلى للحسابات تحقيقاتهم في الاختلالات المرتبطة بتنفيذ الصفقات العمومية داخل بعض الجماعات الترابية. ومن خلال التدقيقات الأولية، برزت صورة مقلقة لمشاريع تُدار بشكل عشوائي، دون تخطيط محكم أو دراسات تقنية ضرورية، وكأنها تُترك لتُنفذ بناءً على الحظ والتقدير العشوائي، بعيدًا عن المعايير المهنية والضوابط المطلوبة
المثير للقلق أن هذا النوع من الممارسات لا يقتصر على سوء التدبير أو نقص الكفاءة، بل يصل إلى مرحلة التواطؤ الممنهج مع المقاولين لتحقيق مصالح شخصية، في ظل غياب رقابة فعلية. حين يتضح أن بعض المشاريع تنطلق بدون دراسات تقنية أو اقتصادية دقيقة، فإن الأمر لا يمكن وصفه سوى بأنه جريمة في حق المال العام.
ما يجعل المشهد أكثر قتامة هو وجود آليات تقنية مثل بوابة الصفقات العمومية التي من المفترض أن تعزز الشفافية. ومع ذلك، يبدو أن البعض نجح في اختراق النظام بألاعيب تفوح منها رائحة المحسوبية والفساد.
ربما يجب أن تتجاوز التحقيقات إطار الجماعات الترابية نفسها، لتشمل المنظومة بأكملها:
- أين الخلل في مراقبة تنفيذ المشاريع؟
- هل يكمن العيب في النظام الرقابي أم في تطبيقه؟
- وإلى متى سيظل المال العام عرضة لهذا النوع من الانتهاكات؟
الإصلاح لا يجب أن يكون مجرد حبر على ورق أو تقارير تُركن في الأدراج. بل يجب أن يبدأ من المحاسبة الجادة والمستقلة، وصولًا إلى تأهيل الكفاءات وتطوير آليات الرقابة باستخدام التكنولوجيا الحديثة. والأهم من ذلك، غرس ثقافة المساءلة، حيث لا يمكن أن يُترك المتلاعبون بعيدًا عن طائلة القانون.
يبقى السؤال مفتوحًا:
هل ستكون هذه التحقيقات بداية إصلاح حقيقي، أم مجرد حملة إعلامية تنتهي كغيرها؟