المحمدية/”ديور القراعي”: بين الحقيقة والإشاعة!
دابا ماروك
تعود الصورة إلى نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، حين بدأت أعمال تشييد ديور القراعي، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من ذاكرة مدينة المحمدية
في كل مرة يتردد فيها اسم “ديو القراعي”، تشهد الألسن حركة نشطة أشبه بمنجم إشاعات لا يهدأ، وكأنها وجدت متعة في نسج القصص والترويج لما لا يمت للحقيقة بصلة. هذه المرة، كان الحديث يدور حول زيادة خيالية في السومة الكرائية للمنازل، وهي إشاعة سرعان ما تم نفيها وتصحيحها بشكل قاطع.
الحقيقة أن الزيادة، التي أثارت الجدل، تخص الدكاكين فقط، ولم تمتد إلى المنازل بأي حال من الأحوال. وقد جاء تطبيق هذه الزيادة بطريقة قانونية ومنظمة، حيث أصدرت “ديار المدينة” إشعارات رسمية عن طريق أعوان قضائيين. والزيادة لم تكن عشوائية أو مبالغًا فيها، بل ركزت على الدكاكين التي تقل أو تتساوى سومتها الكرائية مع 400 درهم سنويًا، إذ تمت إضافة مبلغ قدره 150 درهمًا فقط لهذه الفئة.
لماذا هذه الزيادة؟
لعل السبب الأساسي وراء هذه الخطوة يكمن في محاولة “ديار المدينة” مواءمة السومات الكرائية مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية. فالإيجارات المنخفضة جدًا، التي تعود إلى عقود ماضية، لم تعد تتماشى مع الواقع الحالي. وبالتالي، تهدف هذه الزيادة إلى تحقيق نوع من التوازن، دون أن تكون عبئًا ثقيلًا على كاهل التجار أو تسبب ضررًا لنشاطهم.
ردود الفعل بين الإثارة والواقع
كالعادة، لم تمر هذه الزيادة دون أن تثير بعض الجدل. فهناك من استغل الأمر لخلق زوبعة إعلامية وكأن المالكين يسعون إلى “مص دماء الكادحين”، في حين أن الأمر لا يعدو كونه محاولة تنظيمية ضرورية. ويبدو أن البعض يفضل الترويج لنظرية المؤامرة بدلًا من تقصي الحقائق.
في المقابل، تلقى البعض الآخر الإشعارات بقدر من التفهم، معتبرين أن مثل هذه التعديلات أمر حتمي في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات. بل إن البعض رأى أن هذه الخطوة، رغم تواضعها، تعد بداية لتحديث النظام الكرائي الذي ظل جامدًا لفترات طويلة.
“ديار المدينة” بين المسؤولية والتوازن
من الجدير بالذكر أن “ديار المدينة”، بصفتها الجهة المشرفة، حرصت على اتباع القنوات القانونية في اتخاذ هذه الخطوة، مما يجعل أي اعتراض أو تحفظ قابلًا للنقاش عبر المساطر القضائية المناسبة. كما أن الزيادة استهدفت الفئات التي تدفع سومات منخفضة جدًا، لتظل باقي الفئات في منأى عن أي تغيير.
ختامًا: الحقيقة هي السلاح الأقوى
في ظل انتشار الإشاعات، تبقى الحقائق وحدها هي الفيصل. وإذا كان الحديث عن “ديور القراعي” شجونًا للبعض، فإنه درس للبقية، مفاده أن التأكد من المعلومة أولوية قبل الانجرار وراء موجة من الأكاذيب. فالأمر لا يتطلب سوى قليل من الوعي، والكثير من المسؤولية.
ومن هنا، نود أن نطمئن الجميع: لا زيادات مفاجئة، ولا قرارات خفية. ما حدث هو تنظيم بسيط، ولكن يبدو أن الحقيقة لا تجد أحيانًا طريقها وسط ضجيج الإشاعات.