مجتمع
اللِّي حن يتمحن: حكمة مغربية تكشف ثمن التساهل المفرط
دابا ماروك
شرح المقولة ومعانيها:
تعبر هذه المقولة عن الحكمة الشعبية المتوارثة التي تعكس نظرة المغاربة لمفهوم اللين والتسامح الزائد عن الحد. فكلمة “حن” تعني الميل إلى العطف أو التساهل في المواقف، أما “يتمحن” فترمز إلى المعاناة أو تحمل الأذى الناتج عن هذا التساهل. ومن هنا، تحمل المقولة تحذيرًا ضمنيًا من أن الإفراط في الحنان قد يؤدي إلى استغلال الآخرين أو الوقوع في مواقف صعبة.
الأبعاد الاجتماعية:
- في العلاقات الاجتماعية:
المثل يشير إلى التوازن المطلوب في التعامل مع الناس. فالحنان والتسامح صفات حميدة، لكن إذا زادت عن حدها قد تتحول إلى نقاط ضعف، تجعل صاحبها عرضة للاستغلال أو الخيانة، سواء في العلاقات الأسرية، الصداقات، أو حتى الشراكات العملية. - في تربية الأبناء:
يبرز هذا المثل أهمية الحزم إلى جانب الحنان. فالتربية القائمة فقط على التساهل قد تخرج جيلاً غير واعٍ بمسؤولياته، مما يضع الآباء والأمهات أمام صعوبات مستقبلية مع الأبناء الذين تعودوا على تلبية كل رغباتهم. - في المجال المهني:
تشير المقولة إلى خطورة أن يكون الشخص “حنونًا” بشكل مفرط في العمل. الموظف الذي لا يضع حدودًا لزملائه أو رؤسائه قد يتحول إلى ضحية، حيث يتم تحميله أعباء إضافية دون تقدير.
دروس مستفادة من المقولة:
- التوازن في العطاء:
لا يعني العطف أن تكون ضعيفًا، بل يجب أن يقترن بالعقلانية لضمان عدم الوقوع ضحية للاستغلال. - الوعي بالنوايا:
من الضروري فهم نوايا الآخرين والتفريق بين من يحتاجون الدعم فعلاً ومن يسعون فقط للاستفادة. - الحزم كقيمة ضرورية:
الحزم لا يناقض الحنان، بل يكمله، وهو ما يجعل الإنسان قادرًا على مواجهة المواقف الصعبة بحكمة.
الرسائل المستترة في المثل:
تُظهر هذه الحكمة الشعبية كيف أن المجتمع المغربي يعتمد على تجاربه اليومية في صياغة قيمه. المقولة ليست رفضًا للحنان، بل دعوة إلى أن يكون مقرونًا بالوعي والقوة.
تأمل أخير:
“اللِّي حن يتمحن” ليس مجرد مقولة تُقال في سياق عابر، بل هو درس متجذر في التجربة الإنسانية، يشجعنا على الاتزان والحرص في تعاملاتنا اليومية، حتى نكون قادرين على تقديم الحنان دون أن ندفع ثمنه معاناة أو خيبة.