دابا ماروك
دأبت الحكومة المغربية، من خلال وزارة الثقافة والاتصال والشباب، أن تخصص دعما لفائدة مؤسسات الصحافة والنشر في ظل التحديات المتنامية التي يواجهها القطاع. يأتي هذا الدعم في إطار رؤية تسعى إلى تعزيز استمرارية المؤسسات الإعلامية وضمان دورها الحيوي في بناء وعي المجتمع وتوجيه الرأي العام. ويمثل القرار الأخير المتعلق بتخصيص مساعدات مالية للصحافة خطوة عملية تهدف إلى التخفيف من الأعباء المالية التي تثقل كاهل المؤسسات الإعلامية، مع التركيز على دعم التكاليف التشغيلية وتعزيز الاستثمار، في محاولة لدفع عجلة التطور والابتكار داخل قطاع حيوي يعتبر ركيزة أساسية في النظام الديمقراطي.
- الإطار العام والهدف من القرار:
يبدو أن القرار يهدف إلى دعم مؤسسات الصحافة والنشر عبر تقديم تمويل مباشر يعتمد على نسبة من تكاليف الإنتاج والأجور. هذا يعكس توجهاً إيجابياً نحو تعزيز قطاع الإعلام ومساعدته على تجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجهه، خاصةً في ظل التحولات الرقمية وانخفاض مداخيل الصحف الورقية.
النقد:
- بينما يعد هذا الدعم خطوة إيجابية، إلا أنه يركز على الأعباء المالية فقط، دون النظر بشكل كافٍ إلى التحولات الجوهرية التي تواجه الإعلام، مثل تحديات الرقمنة والتأقلم مع منصات التواصل الاجتماعي.
- لم يتم التطرق إلى معايير تحسين جودة المحتوى، مما يثير مخاوف من أن يصبح الدعم مجرد وسيلة لإنقاذ المؤسسات مالياً دون تحسين أدائها ومصداقيتها.
- توزيع نسب الدعم:
القرار قسم نسب الدعم بناءً على نوع المؤسسة الإعلامية (ورقية أو رقمية) وحجم الأجور وتكاليف الإنتاج. ويبدو أن الأولوية أعطيت للمؤسسات الورقية التي تواجه صعوبات مادية أكبر.
النقد:
- الدعم القائم على تكاليف الإنتاج والأجور قد يفضل المؤسسات الكبرى على الصغيرة أو الناشئة، مما يحد من التنوع الإعلامي.
- لم يشر القرار إلى تقديم حوافز للمؤسسات التي تستثمر في التكوين أو الابتكار التكنولوجي، وهما عنصران أساسيان لبناء مستقبل مستدام للإعلام.
- تحديد السقف المالي للدعم:
تخصيص سقف مالي قدره 10 ملايين درهم كحد أقصى لكل مؤسسة يبدو محاولة لتفادي الاحتكار، وضمان توزيع عادل للدعم.
النقد:
- السقف المالي جيد من حيث العدالة، لكنه قد يكون غير كافٍ لتلبية احتياجات المؤسسات الإعلامية الكبيرة ذات الانتشار الواسع، خصوصاً إذا كانت تعاني من ديون متراكمة.
- لم يتم تحديد معايير واضحة لتقييم استحقاق الدعم، مما قد يفتح المجال للتلاعب أو لقرارات منح غير شفافة.
- دعم الاستثمار والتنمية:
القرار خصص نسبة 20% لدعم الاستثمار، مما يعكس وعياً بأهمية تطوير القطاع على المدى البعيد.
النقد:
- نسبة 20% تبدو منخفضة بالمقارنة مع الدعم المخصص للأجور وتكاليف الإنتاج، في حين أن الاستثمار في الرقمنة والابتكار هو المفتاح لبقاء الإعلام.
- غياب خطة لتشجيع التعاون بين المؤسسات الإعلامية والجامعات أو المراكز البحثية لتطوير محتوى يتماشى مع تحديات العصر الرقمي.
- الشفافية في التنفيذ:
القرار أشار إلى نشره في الجريدة الرسمية، مما يعزز الشفافية.
النقد:
- لم يتم تحديد آلية واضحة للمراقبة والتقييم بعد توزيع الدعم، مما يجعل من الصعب قياس تأثيره على تحسين الوضع الإعلامي.
- لم يُشر إلى أي دور للمجتمع المدني أو النقابات الصحافية في مراقبة التنفيذ أو تقديم مقترحات لتحسين الدعم.
- السياق السياسي والاجتماعي:
يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه الإعلام المغربي تحديات متزايدة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية. الدعم المالي قد يساعد على ضمان استمرارية المؤسسات، لكن يجب أن يكون مرتبطاً بالتزام أخلاقي ومهني لدعم الديمقراطية وتعزيز حرية التعبير.
النقد:
- يجب أن يكون الدعم جزءاً من رؤية أوسع لتطوير المشهد الإعلامي المغربي، وليس مجرد حل مالي مؤقت.
- ضرورة توفير ضمانات لعدم استغلال الدعم لتوجيه الإعلام أو التأثير على استقلاليته.
الخلاصة:
القرار يمثل خطوة إيجابية لدعم قطاع الصحافة والنشر، لكنه يركز بشكل أساسي على الجانب المالي دون معالجة التحديات البنيوية والجودة المهنية. هناك حاجة إلى رؤية إستراتيجية أوسع تشمل الاستثمار في الرقمنة، تطوير الكفاءات، وتحقيق الشفافية في التنفيذ لضمان استفادة القطاع الإعلامي والمجتمع على حد سواء.