مهرجان الوِتَار الوطني: إحياء التراث المغربي بروح متجددة
دابا ماروك
تزامنًا مع الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى 69 لعيد الاستقلال المجيد، تنظم جمعية المغرب العميق لحماية التراث، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والاتصال والمجلس الجهوي للدار البيضاء-سطات، الدورة 12 للمهرجان الوطني للوِتَار تحت شعار “إيقاعات المغرب”. هذا الحدث الثقافي والفني يُكرّس مكانة آلة الوِتَار باعتبارها إحدى الركائز الأساسية للتراث الموسيقي المغربي.
برنامج غني بين الإيقاع والبحث الأكاديمي
تتوزع فعاليات المهرجان بين مدن بنسليمان، وابن أحمد، وسطات، حيث ستُقام سهرات عمومية متميزة تحتفي بهذه الآلة العريقة. كما يتضمن البرنامج ندوة علمية تحت عنوان “آلة الوِتَار: الروافد والامتداد التاريخي”، بمشاركة نخبة من الباحثين المختصين في التراث الثقافي اللامادي والموسيقى الرعوية. تهدف الندوة إلى تسليط الضوء على أصول هذه الآلة ومسارها عبر التاريخ، إلى جانب تنظيم ورشات تكوينية تهدف إلى نقل تقنيات العزف عليها إلى الأجيال الصاعدة.
رؤية متجددة لإحياء التراث
لا يقتصر المهرجان على الجوانب الاحتفالية التقليدية، بل يسعى إلى تجاوزها من خلال تقديم تصورات مبتكرة تُثري ذاكرة المغاربة الفنية والثقافية. في هذا الإطار، تُنظم الجمعية عروضًا فنية لفائدة نزلاء المؤسسات الاجتماعية في إقليمي سطات وبرشيد، تعزيزًا لدور الفن في تحقيق الإدماج الاجتماعي وإسعاد الفئات الهشة. كما خُصصت سهرة فنية خاصة بمدينة بنسليمان بمناسبة عيدي المسيرة والاستقلال، لإشراك ساكنة المدينة في الاحتفاء بهذا التراث.
تكريم رموز آلة الوِتَار
إحدى الركائز الأساسية للمهرجان هي تكريم الفنانين والممارسين الذين كرسوا حياتهم لحفظ وتطوير هذا الفن. تُبرز الجمعية من خلال هذه الدورة أهمية رد الاعتبار لرموز آلة الوِتَار الذين ظلوا لسنوات يعزفون بإبداع، رغم غياب الدعم المؤسسي. وتُكرم الدورة الحالية أحد أبرز مشايخ آلة الوِتَار بمنطقة العلوة بإقليم سطات، كجزء من مشروع متكامل لإحياء التراث الثقافي المغربي.
آلة الوِتَار: رمز الأصالة المغربية
آلة الوِتَار ليست مجرد أداة موسيقية؛ بل هي مرآة عاكسة للتاريخ والهوية المغربية. تُجسد هذه الآلة التراث البدوي والموسيقى الرعوية التي تحمل في طياتها أنغام الأرض وحكايات الأجداد. من هذا المنطلق، تسعى الجمعية عبر المهرجان إلى تحويل هذا التراث من مجرد ذاكرة فنية إلى موروث حي يلقى الدعم والحماية، ويُصبح جزءًا من الهوية الفنية والثقافية الوطنية.
أفق المهرجان: استمرارية واستدامة
في إطار السعي نحو تعزيز مكانة الوِتَار، تخطط الجمعية لتنظيم جولات فنية وندوات علمية في مدن مختلفة بالأقاليم المجاورة خلال الدورات القادمة. الهدف ليس فقط التعريف بالآلة، بل تأمين نقل هذا التراث للأجيال الجديدة وتحقيق استدامته كمكون أساسي من مكونات الثقافة المغربية.
يبقى مهرجان الوِتَار الوطني منصة ملهمة تجمع بين الحفاظ على التراث وتكريم رموزه، وتنقل رسالته العميقة إلى الجمهور المغربي، مؤكدًا على غنى وتنوع الهوية الثقافية المغربية.