صورة تقريبية للواقع المرير
نادية السمني
في زاوية من زوايا مدينة صغيرة، تعيش عائلة تتكون من أب وأم وأربعة أطفال في منزل صغير ومتواضع. أسقف المنزل تهتز مع كل عاصفة، والجدران تتحدث عن سنوات من العوز. الأم، التي تجاوزت الأربعين، تعمل في أحد الحقول من الصباح الباكر حتى غروب الشمس، تجمع المحاصيل التي بالكاد تكفي لتلبية احتياجات الأسرة اليومية.
الأب، الذي أنهكته السنين، يجلس على حافة الباب، ينظر إلى الفضاء بعينين تحملان قلقًا مستمرًا. لم يكن لديه فرصة للعمل في أي مكان، حيث لم يكن له تقاعد يُعتمد عليه، وكلما تذكر الأيام التي كان فيها يعمل، تتعاظم أحزانه.
الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا، يلهون في الشارع القريب، لكن ضحكاتهم تخفي خلفها الكثير من الألم. لا يعرفون ماذا يعني الذهاب إلى الطبيب عندما يمرضون، لأن العائلة لا تملك المال لتغطية تكاليف العلاج. كلما أصيب أحدهم، كان الأهل في حيرة، يتنقلون بين المراكز الصحية، يعانون من الرفض بسبب عدم القدرة على الدفع.
حين يأتي الليل، يجتمع أفراد الأسرة حول طاولة بسيطة، يتناولون وجبة تتكون من الخبز والماء، مع قليل من الزيت. في تلك اللحظات، يتذكر الأب والأم كيف كانا يحلمان بحياة أفضل لأبنائهما، لكن الظروف قاسية ولا ترحم.
تتداخل أحلامهم مع الواقع المر، لكن الأمل لا يزال موجودًا. إذ يعلق الأب على حائط الغرفة صورة قديمة له وهو يعمل في مصنع، متمنيًا أن يتغير الوضع يومًا ما.
رغم كل الصعوبات، لا يزال الحلم موجودًا في قلوبهم: حلم بحياة أفضل، بحماية صحية، وبمستقبل يُحقق فيه الأطفال أحلامهم.