سياسة

عندما يتوهم البرلماني النبوة: حكاية مبارك عفيري بين السياسة والخرق السافر للقوانين!

دابا ماروك

لنبدأ بقصة النائب البرلماني مبارك عفيري، رئيس وعضو المجلس الجماعي لجماعة المنصورية الواقعة بين بوزنيقة والمحمدية. يبدو أن الرجل قد تجاوز حدود العمل السياسي المعتاد ليصبح حديث الساعة. لا يقتصر الأمر على تحركاته السياسية المتعددة، التي يمكن وصفها بجولات استكشافية عبر الأحزاب، بل الرجل استطاع أيضًا أن يصنع لنفسه مكانة بارزة في تقارير التفتيش. وقد بدت تلك التحركات وكأنها محاولات “إبداعية” لتفسير القوانين حسب مزاجه، وكأنما هو الذي يُعيد تفسير القواعد حسب “وحي” خاص به.

هل كان الرجل يمارس السياسة أم شيئًا آخر؟ هذه الأسئلة باتت في أيدي القضاء، ونحن ننتظر بكل حذر ما ستسفر عنه جلسات المحاكمة.

قبل يومين، قرر عامل إقليم بنسليمان أن يضع حدًا لهذا “المُدّعي”، في المشهد السياسي، فأصدر قرارًا بتوقيفه عن ممارسة مهامه. ولأن الرجل لم يُصَدِّق أن نهاية “رسالته” قد حانت، أُحيل ملف عزله على المحكمة الإدارية بالدار البيضاء. ولمن لا يعرف القصة جيدًا، فإن هذا الرجل قاد حزبه لاكتساح جميع الدوائر الانتخابية في جماعة المنصورية وكأنه بطل خارق في حملة انتخابية، لكن خلف الستار كانت الأفعال تختلف عن الأقوال.

فلنتحدث عن هذا “الوحي” المخالف للقوانين: لجان التفتيش التابعة لوزارة الداخلية قامت بافتحاص شامل لمشاريعه البطولية، فماذا وجدت؟ طبعًا، وجدت خروقات بالجملة في كل زاوية وركن، من قطاع التعمير، إلى الصفقات العمومية وسندات الطلب، وكأن الجماعة أصبحت ضيعة خاصة للرئيس الموقر!

أما عن البناء فوق الملك العمومي البحري، فإن “النبي” عفيري أصدر الرخص وكأن البحر ملك أجداده. وأين دور السلطة المحلية من كل هذا؟ يبدو أنها منشغلة بأمور أخرى أقل أهمية، مثل عد أنفاس المواطنين.

وهل تعرفون ما هو الأدهى؟ الرجل كان يستصدر تراخيص إقامة مستودعات للسيارات وسط الأراضي الفلاحية، وكأن الأمر مجرد لعبة! ولم يتوقف عند هذا الحد، بل قام بتوزيع رخص المقشدات والمقاهي المتنقلة على أقربائه وأحبائه وكأنه يُوزع وعودًا انتخابية أخرى.

ولا يمكن أن ننسى تضارب المصالح الذي سجله التقرير، بدءًا من نواب الرئيس الذين يجمعون بين العمل الجماعي وإدارة شركات تستفيد من أموال أحدثت في الأصل لخدمة ساكنة الجماعة، وصولاً إلى رئيس لجنة حساسة استفاد والده من منحة مالية ضخمة لتنظيم مهرجان بالجماعة. ما هذه العظمة، وما هذا السخاء؟ وكأن الجماعة أصبحت ملكية خاصة للعائلة والأصدقاء.

وفي الختام، يبدو أن البرلماني والرئيس السابق لجماعة المنصورية، مبارك عفيري، الذي اعتقد أن رئاسته حصانة تجعله فوق المساءلة، قد وصل إلى نهاية الطريق. فاللعب بالقوانين، والتجاوزات التي تفوح منها رائحة الفساد، لم تكن إلا جولة أخرى انتهت بتوقيفه وانتظار كلمة القضاء. لعل هذا يكون درساً لكل من يظن أن السلطة تعني الإفلات من المحاسبة، فالجميع، حتى من يتجولون بين الأحزاب كمن يتجول في سوق مفتوح، سيواجهون الحقيقة في يوم من الأيام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى