فن وثقافة

نعيمة الملكاوي: حين تمزج الشاعرة ألوان الروح لتضيء عتمة الوجود

دابا ماروك

حينما تتأمل في ظلمات الحياة، قد يخيل إليك أنها بعيدة عن كل ما هو ملون أو مضيء. لكن الشاعرة والفنانة التشكيلية المغربية نعيمة الملكاوي أثبتت عكس ذلك في مجموعتها الأدبية والفنية. بعنوان “لون الظلام”، -الصادرة عن دار التوحيدي بالرباط- تسعى نعيمة في هذا العمل إلى أن تجمع بين حروفٍ نابضة وألوانٍ تعانق أرواح من يغوص في معانيها.

تنطلق نعيمة من فلسفة أن الظلام ليس حالة ثابتة، بل هو جزء من التجربة الإنسانية التي تحتاج إلى من يضيئها بفرشاة ملونة أو كلمة مفعمة بالحياة. فتستمد إلهامها من تجاربها الفنية والشخصية، ومن عمق البحث في أسرار الوجود الإنساني. إنها تسعى، من خلال كلماتها ورسوماتها، إلى معانقة مشاعر الفقد، والتحديات الثقافية، وحتى الأسئلة الوجودية الكبرى التي تلامس واقع الإنسان المعاصر.

ترى الملكاوي أن اللون ليس مجرد وسيلة للتعبير البصري، بل هو سلاح فني قادر على تغيير الرؤية والتوجهات. في مجموعة “لون الظلام”, تجد نفسك أمام كلمات تنبض بالحيوية التي تسبر أغوار الروح وتصل إلى أبعد زوايا الذات.

في تقديم الكتاب، تتحدث الناقدة فتيحة نوحو عن نعيمة، واصفة إياها بواحدة من القلائل اللواتي يملكن القدرة على تحويل الغموض إلى شيء مضيء. إنها تبحر في أفكار وجودية وتعيد صياغة مفاهيم اجتماعية بأسلوب شعري يحمل لمسة من السخرية أحيانًا، ومن العمق الإنساني دائمًا.

على الرغم من إقامتها في فرنسا، تظل نعيمة مرتبطة بجذورها المغربية، معبرة بلغتها الأم، الدارجة المغربية، ما يجعل كتاباتها أكثر قربًا من القارئ الذي يتذوق هذه اللغة بجمالياتها وأسرارها. يُشير الشاعر أحمد لمسيح إلى أن أسلوب نعيمة يمزج بين البساطة في الشكل والعمق في المضمون، وهي بذلك تقدم شعرًا لا يتوقف عند حدود الكلمات بل يتجاوزها إلى الصور الفنية والرموز العميقة.

باختصار، نجحت نعيمة الملكاوي في جعل الظلام يتحدث بلغة الألوان والكلمات، واستطاعت أن تحوّل الفقد والألم إلى أشكال فنية تمس جوهر الإنسان، وتضيء زوايا من الحياة كانت تبدو في السابق بعيدة عن النور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى