الدور الدبلوماسي لناصر بوريطة في تعزيز مغربية الصحراء: تفوق سياسي في زمن التحولات الدولية
م-ص
استهلال
تعد قضية الصحراء المغربية واحدة من أهم القضايا الوطنية التي تحظى باهتمام واسع في المغرب، ولا يمكن الحديث عن السياسة الخارجية للمملكة دون التوقف عند هذا الملف. وبينما يتم الترويج لأطروحات انفصالية وواهية، نجحت الدبلوماسية المغربية تحت قيادة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، في تحقيق تقدم ملحوظ على الساحة الدولية في ظل توجيهات ملكية صارمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
الدبلوماسية المغربية: رؤية ملكية وتوجيهات حكيمة
منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، انتهج المغرب سياسة خارجية قائمة على الواقعية والحزم فيما يخص قضية الصحراء المغربية، مع التمسك بالحل السلمي وفق إطار السيادة الوطنية. وفي ظل هذه الرؤية، شهد المغرب تحولات كبيرة في علاقاته الدولية، واستطاع بفضل الحنكة الدبلوماسية أن يقنع عدداً متزايداً من الدول بالاعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية.
توجيهات جلالة الملك كانت دائماً حاضرة في جميع التحركات الدبلوماسية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح المملكة على الصعيد الدولي. وبدون شك، فإن دور ناصر بوريطة في تنفيذ هذه التوجيهات وتفعيلها على أرض الواقع كان محورياً، ما أدى إلى تحقيق إنجازات ملموسة في العديد من المحافل الإقليمية والدولية.
ناصر بوريطة: دبلوماسية الإقناع والاقتناع
بوريطة لم يكن مجرد مسؤول تقليدي في السلك الدبلوماسي، بل جاء بمقاربة جديدة تعتمد على الدبلوماسية الاستباقية والإقناع المبني على الحقائق والمصالح المشتركة. فالدبلوماسية ليست مجرد تكرار للخطابات أو التصريحات، بل هي فن التواصل وبناء العلاقات التي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وقد نجح بوريطة في نقل هذا المفهوم إلى ساحات التأثير الدولي.
وما زاد من قوة وتأثير بوريطة على الساحة الدولية هو إتقانه لعدد من اللغات الأجنبية، بما في ذلك الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، واللغات الدبلوماسية الأخرى، مما مكنه من التواصل بفاعلية مع مختلف الأطراف الدولية والتحدث مباشرة مع صناع القرار في مختلف البلدان. هذه القدرة اللغوية جعلت منه مفاوضاً بارعاً قادرًا على التعبير عن الموقف المغربي بوضوح وفاعلية، والتفاعل بسرعة مع التغيرات الدبلوماسية وتحدياتها.
النجاحات الدبلوماسية: اعترافات دولية تتزايد
لقد تمكن بوريطة، من خلال إستراتيجية قائمة على الشراكات الثنائية والعلاقات الإستراتيجية، من إقناع عدد من الدول بالتراجع عن دعم الأطروحات الانفصالية والاعتراف بمغربية الصحراء. وقد شهدت الساحة الدولية خطوات جادة نحو الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، منها فتح قنصليات في مدن الصحراء المغربية مثل العيون والداخلة من دول إفريقية وعربية وأوروبية.
هذه الخطوات الدبلوماسية لم تكن مجرد إجراءات رمزية، بل تعكس تحولاً جذرياً في موقف المجتمع الدولي، حيث بدأت الدول ترى أن المغرب يقدم حلولاً واقعية ومستدامة من خلال مقترح الحكم الذاتي الذي اعتبره العديد من المراقبين حلاً قابلاً للتطبيق وذا مصداقية.
الحنكة السياسية في مواجهة التحديات الإقليمية
لا يمكن الحديث عن نجاحات بوريطة دون التطرق إلى التحديات التي واجهها المغرب على الصعيد الإقليمي. فقد كانت الجزائر وجبهة البوليساريو دوماً في حالة تأهب لعرقلة كل تقدم مغربي، سواء من خلال حملات دعائية مغرضة أو محاولات التأثير على الرأي العام الدولي. لكن المغرب، تحت قيادة بوريطة، تمكن من تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز مواقفه الدبلوماسية.
وقد أسهمت مواقف الجزائر الضعيفة والدبلوماسية “الجوفاء” كما وصفها العديد من المراقبين، في زيادة عزلتها الدولية، ما أتاح للمغرب فرصة أكبر للتواصل مع الدول والمنظمات الدولية التي كانت سابقاً تحت افتراءات وتأثير الضغوط الجزائرية.
التأثير على المجتمع الدولي: بين الواقع والوهم
إن النجاح الدبلوماسي الذي حققه بوريطة لا يعود فقط إلى المهارة في التفاوض والإقناع، بل أيضاً إلى تقديم حقائق ووقائع دامغة للعالم بشأن مغربية الصحراء. فقد أدركت العديد من الدول والمنظمات الدولية أن المغرب ليس دولة تسعى إلى التوسع أو الاحتلال، بل هي دولة تسعى إلى الحفاظ على وحدة أراضيها وتنمية مناطقها الجنوبية بما يخدم مصالح سكانها.
وكان واضحاً أن وهم “تقرير المصير” الذي تروج له الجزائر وجبهة البوليساريو لم يعد يجد صدى لدى المجتمع الدولي، الذي بات ينظر إلى مسألة الصحراء من زاوية الحلول العملية والواقعية التي يقدمها المغرب.
التطلع نحو المستقبل: تعزيز المكتسبات
مع استمرار الديناميكية التي أطلقتها الدبلوماسية المغربية، تبدو الآفاق مشرقة لمزيد من الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء. إلا أن التحدي الأهم يكمن في الحفاظ على هذه المكتسبات وتعزيزها من خلال العمل الدؤوب والمستمر على مستويات متعددة، سواء من خلال تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الكبرى أو المشاركة الفعالة في المنظمات الدولية.
ناصر بوريطة، الذي أثبت جدارته في قيادة الدبلوماسية المغربية في هذه المرحلة الحساسة، يبدو أنه سيواصل تحقيق المزيد من الإنجازات لصالح المغرب في هذا الملف. فتفانيه في خدمة المصالح الوطنية وإيمانه بقوة الإقناع، بالإضافة إلى إتقانه للغات متعددة، يجعل منه أحد أبرز الشخصيات التي تسهم في صياغة مستقبل السياسة الخارجية للمملكة.
ختام
تظل قضية الصحراء المغربية محورية في الدبلوماسية المغربية، وقد أظهر ناصر بوريطة، بفضل توجيهات جلالة الملك محمد السادس، قدرة كبيرة على التعامل مع هذا الملف المعقد بحنكة وواقعية. لقد نجحت الدبلوماسية المغربية في كسب تأييد دولي واسع، ما يعزز من قوة موقفها على الساحة الدولية ويفتح آفاقاً جديدة نحو حل دائم وعادل للنزاع.