أعوان السلطة: من إحصاء أنفاس المواطنين إلى إحصاء شواهد السكنى المزورة!
دابا ماروك
لا شيء يفاجئنا بعد الآن في هذا الوطن العجيب، حيث يتفوق أعوان السلطة في مهمة دقيقة وشاقة: إحصاء نفسات المواطنين وضبط شواهد السكنى كما لو كانوا يوزعون النعناع في السوق. نعم، يا سادة، فتحت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط بحثًا قضائيًا يوم أمس الخميس 29 غشت، لكن هذه المرة ليس للتحقيق في مؤامرة كونية، بل لتحديد الأفعال “الإبداعية” المنسوبة لثلاثة أشخاص، من بينهم عونان للسلطة، كانوا يتفننون في التزوير وإبداع شواهد سكنى مخصصة لإيداع طلبات تسجيل السيارات!
المعلومات الأولية للبحث تشير إلى أن عناصر الشرطة القضائية، بالتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قد أوقفوا “المبدعين الثلاثة” في وضح النهار بالقرب من مركز لتسجيل السيارات، وكأنهم كانوا في مهمة لتوزيع بطاقات المعايدة بمناسبة عيد وطني. تم ضبطهم بحوزتهم شواهد سكنى في اسم الغير، وتسع شواهد رمادية للسيارات، وثمان وصولات لإيداع طلبات تسجيل السيارات، ومبالغ مالية بالعملة الوطنية. وكأنهم كانوا يديرون وكالة تسجيل سيارات متنقلة!
التحقيق المتواصل لا يسعى فقط لكشف مدى تورط هؤلاء الفنّانين في مجال التزوير، بل ربما أيضًا لتحديد هل كان لديهم حلم في أن يصبحوا نجومًا في عالم الأوراق المزورة، أو أنهم فقط كانوا يحاولون كسب رزقهم اليومي بطريقة مبتكرة؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات ضائعة بين صفحات الشواهد المزيفة.
أما الآن، فالمشتبه فيهم الثلاثة يقبعون تحت تدبير الحراسة النظرية، في انتظار ما ستقرره النيابة العامة المختصة بشأنهم. ومن يدري، ربما سنرى في القريب العاجل ورشة عمل حول “فن التزوير” في أحد مقرات السلطة المحلية، مع دعوة مفتوحة لكل من لديه موهبة في العبث بالقوانين.