الرد على مقال وزير العدل عبد اللطيف وهبي: نحو حوار قانوني أكثر توازناً
ذ/ يوسف عبد القاوي
عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء
في مقال نشره مؤخراً وزير العدل عبد اللطيف وهبي، دعا فيه إلى “النقد البناء” بخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية، تتجلى محاولة واضحة للدفاع عن بعض النقاط المثيرة للجدل في هذا المشروع. ورغم التأكيد على أهمية الحوار القانوني والفكري، إلا أن المقال يحمل في طياته نقاطاً تحتاج إلى توضيح وتساؤلات حول مفاهيم أساسية تتعلق بالدستور، والمساواة، وحقوق الإنسان. إن الدعوة إلى النقد البناء يجب أن تكون مفتوحة وشاملة لجميع الآراء، بعيداً عن الاتهام بالتضليل أو اللبس في فهم النصوص الدستورية أو المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
في هذا السياق، نرى أنه من الضروري تقديم قراءة موضوعية وتفصيلية لمشروع القانون المذكور، وذلك بهدف الوقوف على الإشكالات القانونية والدستورية التي قد يثيرها، وتقديم ردود علمية تستند إلى مبادئ العدالة والمساواة المنصوص عليها في الدستور المغربي والمواثيق الدولية.
- مفهوم التمييز والمساواة في القانون: يجب التأكيد على أن مفهوم التمييز الذي أشار إليه الوزير يتطلب توضيحاً دقيقاً. الادعاء بأن الانتقادات تتعلق بسوء فهم لمعاني التمييز في الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان يثير تساؤلاً حول ما إذا كان التمييز المشار إليه في مشروع القانون يتفق مع معايير العدالة والمساواة المنصوص عليها دستورياً ودولياً. يجب على الوزير توضيح كيف يتوافق هذا المشروع مع هذه المعايير بشكل أكثر وضوحاً.
- إحالة مشروع القانون إلى مجلس المنافسة: يبدو أن إحالة مشروع القانون إلى مجلس المنافسة هي نقطة خلافية رئيسية. يجب مناقشة ما إذا كانت صلاحيات مجلس المنافسة تشمل فعلاً تقديم الاستشارات في المسائل المتعلقة بالمهن القانونية الحرة مثل المحاماة. ويثير تساؤلاً حول مدى ملاءمة هذه الخطوة وإلى أي مدى تعكس روح الدستور. من الممكن أن يتطلب ذلك رأيًا قانونيًا واضحًا من جهات قضائية مستقلة لتحديد مدى اختصاص المجلس في هذه المسائل.
- النقد البناء ومفهومه: الوزير يدعو إلى النقد البناء ولكنه يبدو في نفس الوقت أنه يحاول تقييد الانتقادات التي تم توجيهها إلى مشروع القانون. النقد البناء يعني أن تكون هناك مساحة للتعبير عن آراء مختلفة، بما في ذلك الاعتراض على جوانب معينة من مشروع القانون. يجب أن يُعطى النقاد الحق في تقديم آرائهم حتى لو كانت تعارض وجهة نظر الحكومة، طالما كانت تستند إلى أسس قانونية ودستورية.
- التفسير الموسع لدور المحكمة الدستورية: يشير الوزير إلى أن المحكمة الدستورية لها دور أساسي في التحقق من دستورية القوانين، ولكن يجب أيضاً أن يكون هناك دور للنقاش العام والمهني حول مشروع القانون، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تتعلق بالحقوق والحريات الأساسية. ومن المهم التأكيد على أن النقاش المجتمعي والمشاركة الواسعة في صياغة القوانين يعزز الديمقراطية ويضمن تمثيل كافة الأصوات.
- الحاجة إلى التحديث القانوني: بينما يعترف البعض بأهمية تحديث قانون المسطرة المدنية، فإن الانتقادات المطروحة تشير إلى أن بعض جوانب المشروع الجديد قد لا تكون في مصلحة جميع الأطراف المعنية. يجب على الوزير توضيح كيف يحقق المشروع الجديد التوازن بين تحديث القوانين والحفاظ على الحقوق المكتسبة وعدم إحداث تمييز بين المواطنين.
- الاحتكام للدستور والمعايير الدولية: يجب أن يكون أي مشروع قانون متوافقًا مع الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. إذا كانت هناك اعتراضات على مشروع قانون المسطرة المدنية بسبب ما يراه البعض خرقًا لهذه المعايير، فيجب أن يكون هناك حوار حقيقي يوضح كيف يلتزم المشروع بالمعايير الدولية والوطنية لحقوق الإنسان.
باختصار شديد، يجب أن يركز على تعزيز الحوار المفتوح والشفاف حول مشروع القانون، وضمان أن جميع الآراء بما في ذلك المعارضة يتم سماعها ومعالجتها بجدية وفقًا لأفضل المعايير القانونية والدستورية.