مسرح المخزن في المغرب: إصعاد النجوم وإسقاطهم بين خيوط السلطة
م-ص
المخزن في المغرب يظل تلك المؤسسة التي يتفق الجميع على أنها فوق العواطف وفوق الصداقات. إنه أشبه بتلك الشخصيات الغامضة في الروايات البوليسية، التي تتخذ قراراتها بناءً على المصلحة الباردة وليس بناءً على الود أو العشرة الطويلة.
تخيل معنا، شخصًا مثل محمد كريمين، الذي كان يسير على الهواء، لا يضع قدمًا على الأرض من كثرة “البَرَكة” التي كانت تحيط به. كريمين، الذي كان الجميع يهابونه ويحسبون له ألف حساب، وجد نفسه في النهاية في مكان لا يحسد عليه: سجن عكاشة. هل كان يعلم أن المخزن الذي كان يبتسم له في الصباح سيتركه يقبع في زنزانة مساءً؟ بالطبع لا.
ثم لدينا المثال الساطع، حميد شباط. الرجل الذي صعد إلى القمة بسرعة لم يكن يحلم بها، لكن نفس السرعة التي رفعت به إلى الأعالي، نزلت به إلى أسفل سافلين. وكأنه كان يركب مصعدًا معطلاً، يفتح أبوابه فقط لإسقاط ركابه دون إنذار.
ولا ننسى الحكاية الشهيرة لمحمد مبديع، الرجل الذي أراد أن يضاهي الملوك في “عرس القرن”. لكن يبدو أن المخزن لم يعجبه هذا التشبه، فكان جزاؤه السقوط السريع والمفاجئ. وهكذا، أصبح عرس مبديع الذي تغنى به الناس هو ذاته العرس الذي جرّه إلى السجن بتهم الفساد.
المخزن لا يلعب بمشاعر الناس، ولا يتعامل معهم كما يتعاملون مع بعضهم البعض. هو مثل صاحب المخبزة الذي لا يعنيه
إن كان الوقيد الذي يستخدمه قديمًا أم جديدًا، المهم أنه يحترق ليخبز الخبز. وبمجرد أن تنتهي فائدة الوقيد، يُرمى دون تردد.
المخزن لا قلب له ولا عواطف. إنه آلة ضخمة لا تتوقف، تستعمل الوقيد، ثم ترميه في اللحظة المناسبة. المصلحة الآنية هي كل ما يهمه، ولا مكان للمشاعر في قراراته. في النهاية، يظل المخزن في المغرب تلك القوة الغامضة التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي تعرف كيف تُسقِط من عُلُو من ظن أنه أصبح جزءًا من اللعبة.