مجتمع

بين حياة المتقاعدين في الغرب وفي المغرب: من تقاعد براحة إلى تقاعد بمشقة!

دابا ماروك

عندما ننظر إلى حياة المتقاعدين في الدول الغربية، نجد أنهم يعيشون حياة مريحة وكأنهم في نزل فاخر. يعود ذلك إلى الأنظمة الاجتماعية المتطورة التي توفر لهم معاشات تقاعدية جيدة، تأمين صحي شامل، وخدمات دعم متنوعة. هذا يتيح لهم التمتع بوقتهم بعد سنوات العمل، والسفر، والانخراط في أنشطة مفضلة. في المقابل، في المغرب، الوضع مختلف تماماً. هنا، يعاني عدد كبير من المتقاعدين من ضعف معاشاتهم وعدم كفايتها لتلبية احتياجاتهم، مما يجعلهم يضطرون للبحث عن عمل إضافي أو يعيشون في ظروف معيشية صعبة. البعض يشعر وكأنهم في “سجن كبير”، معتمد على مبدأ “انتظر واستمتع بانتظارك، حيث يفتقرون إلى الاستقرار المالي والفرص الاجتماعية. هذه الفجوة بين الأنظمة توضح الحاجة الملحة لإصلاحات في نظام التقاعد المغربي لتحسين جودة حياة المتقاعدين وضمان رفاهيتهم في مرحلة الشيخوخة.

التقاعد في الغرب: حياة النعيم

في دول الغرب، التقاعد يُعتبر الفصل الأكثر رفاهية في حياة الإنسان، كأنها فترة الاستمتاع بمكافأة العمر. في السويد، على سبيل المثال، يُعتبر التقاعد وقتًا لتجربة سحر الحياة بأسلوب غير مسبوق: رحلات سفر، ولحظات هادئة في الحديقة أو على شاطئ البحر، وكل ذلك مدعوم بنظام تأمين اجتماعي يوفر لهم دخلاً ثابتًا وضمانات صحية شاملة. وعندما يأتي وقت التقاعد، تُنجز لهم مشاريع تجارية خاصة بهم (مثل الزهور المنزلية أو الحرف اليدوية) بتمويل حكومي يساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتخفيف الروتين اليومي.

الجرأة ليست في العيش فقط، بل في الرفاهية التي يعيشونها. يتمتعون بخدمات التغطية الصحية الممتازة التي لا تعرف أوقات الانتظار الطويلة، ويتجولون في أحيائهم الهادئة التي تزينها الحدائق الجميلة. وفي النهاية، يرحبون بهم في فعاليات اجتماعية تخصهم، مثل حفلات الرقص والاحتفالات السنوية التي لا تخلو من التقدير والاحترام.

التقاعد في المغرب: من الرفاهية إلى التهميش

 

بالمقابل، لننظر إلى متقاعدي المغرب، الذين يعاملون كما لو كانوا في ترخيص بدون نهاية. عندما يتقاعد الموظف المغربي، يشعر وكأنه قد قُذف إلى صحراء جرداء من دون ماء أو ظل. النظام التقاعدي يشبه “ركوب الخيل في المراعي المليئة بالأشواك”؛ المعاشات التقاعدية غالباً ما تكون متواضعة، وأحياناً متأخرة، تدعو إلى التساؤل عما إذا كانت هذه الوعود قد خُلِقت لمجرد التسلية.

الصورة النمطية للمغربي المتقاعد هي “منزل معيشة متواضع، وزيارات مستمرة إلى صناديق التقاعد”. حيث لا يوجد نظام دعم حكومي يُعزز من جودة الحياة، والأدوية غالباً ما تكون صعبة المنال، أما التغطية الصحية، فتُعد ترفاً يستلزم الانتظار طويلاً على أمل الحصول على موعد. لا يختلف الأمر كثيراً عن مشهد يعيدك إلى زمن ما قبل الثورة الصناعية، حيث لا تُشعر بأهمية مساهماتك السابقة بل يُنظر إليك كعبء.

مقارنة طريفة بين الحالتين:

الرفاهية مقابل التهميش: في الغرب، التقاعد يعني الرفاهية والخدمات الممتازة، بينما في المغرب، التقاعد يعني التهميش، أو كما يُسمى بوضوح “الراحة في أحضان العدم”. المتقاعد الغربي يعيش في منزل مزين ومريح، بينما المغربي قد يعيش في منزل يُعتبر فيه الجدران أحياناً محطمة مثل الأحلام المتلاشية.

النظام الصحي: الأطباء في الغرب ينتظرون المتقاعدين باهتمام، بينما في المغرب، قد يكون الانتظار في العيادات الصحية أطول من انتظار القطار في محطة معطلة.

المشاركة الاجتماعية: في الدول الغربية، المتقاعدون يُشاركون في فعاليات اجتماعية رائعة، بينما في المغرب، ربما يشاهدون الأخبار عبر التلفاز بانتظار أن تأتيهم رسالة مشجعة.

ختام:

بينما يحتفل المتقاعدون في الغرب بمسيرتهم في الحياة بأسلوب يشبه الاحتفال بالحياة نفسها، يواجه المتقاعدون في المغرب تحديات جمة تكاد تجعلهم يشعرون وكأنهم منسحبون من عالم الفرح والفرص. من الواضح أن هناك حاجة ملحة لإصلاح نظام التقاعد في المغرب، حيث لا يقتصر الأمر على مجرد دفع معاش شهري هزيل ولا يتحرك، بل يُدعم بخدمات صحية واجتماعية تضمن للمتقاعدين حياة كريمة تليق بمساهماتهم السابقة في بناء الوطن.

تستمر الفجوة بين الواقعين كدليل على الحاجة إلى إحداث تغييرات حقيقية لضمان أن تكون السنوات الأخيرة من الحياة مريحة وملؤها التقدير والاحترام، بدلاً من الانتظار في صمت يهدد باندثار الأحلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى