عصير المعاناة: شتاء الصيف ومطاردة الأحلام
محمد صابر
في وطني، أعيش كغريب في دار الأحباب، حيث يمتلئ فصلي الصيفي بأوراق خريفية صفراء. أتمشى بين أشجار تظللها أحزان الغيم، بينما الشمس تظل غائبة عن صحارى روحى.
أحلم برغبات تتسلق أعلى السحاب، لكني أجد نفسي مقيداً بأغلال من المدى الضيق، حيث الخيبات تنمو كأعشاب ضارة. كل حلم أحمله يتلاشى مثل سراب بعيد، في وطن يعبث بالوقت ولا يعرف كيف يهدئ من روح سعيي.
بينما أحتسي قهوتي الصباحية في انتظار أن يكون النهار مختلفاً، أجد أن الأفق لا يعيرني اهتماماً. كل نبرة أمل أنطق بها تقابلها ريح من الفشل، وكل خطوة أخطوها تُحاسبني بمزيد من التحديات. هنا، لا يمكن للفرح أن يكون ضيفاً دائماً، بل هو زائر عابر، يجلس قليلاً ثم يرحل.
أرواحنا تتبادل الحديث في هذا الممرات المظلمة، حيث نتبادل الأمنيات والآلام، ونتمنى لو كان بإمكاننا أن نرسم ألواناً أخرى فوق جدران حياتنا. في وطن يتنكر لأحلامنا ويشدد على قيودنا، نكتشف أن الحياة ليست سوى سلسلة من التحديات والامتحانات، تتحدى صبرنا وقلوبنا.
كأنما أعيش في لوح زجاجي، أرى من خلفه عالماً مليئاً بالألوان والحيوية، لكنني محاصر بأطياف من الرماد. كلما حاولت أن أمد يدي لألمس السعادة، أجدها تتلاشى كفراشة، وتتجدد خيباتي كقمرٍ في محاق.
لكن رغم كل ذلك، أظل صامداً، أرتدي قناع التفاؤل الذي يخفى خلفه حكايات من الوجع، وأواصل السير في هذا الوطن، الذي يشعرني كأنني سائح ضائع بين ذكرياته وأحلامه المكسورة. أعيش في وطن يحاول أن يطفئ شعلتي، لكنني أظل أحمل في أعماقي شرارة من الأمل، لأواصل السعي في هذا الصيف الخريفي الملعون، آملاً أن يأتي يومٌ يشرق فيه الفجر وتُزهر فيه أحلامي.