تقرير سري: أحزاب المغرب وأسرار اختفائها العجيب
م-ص
في عالم السياسة المغربية، حيث تسود الوعود العرقوبية والخطابات المثيرة، يوجد سر عجيب يشغل بال الكثيرين: “أين تختفي الأحزاب السياسية في المغرب بين كل مناسبة انتخابية وأخرى؟”. هذا السؤال الذي ظل يراود ذهن كل مواطن مغربي منذ أن أصبح يلاحظ أن الأحزاب السياسية تختفي تماماً بعد الانتخابات، مثلما تختفي الشمس خلف الغيوم في أحد أيام الصيف الحارقة.
إذا كنت قد شهدت انتخابات في المغرب، فستدرك تماماً كيف تتحول الأحزاب السياسية إلى نجوم ساطعة على شاشة الأحداث، يتحدثون ويعدون ويتمنون الخير والازدهار ويقبلون الصغير والكبير. لكن بمجرد أن تنقضي الانتخابات، يبدأ الغموض في التسلل إلى الأفق، وكأنهم اتخذوا قراراً جريئاً بأن “يتنكروا” في زي المواطنين العاديين.
في البداية، من الضروري أن نفهم كيف تعمل هذه الأحزاب خلال موسم الانتخابات. يظهرون كأنهم سحرة في مهرجان خلاب، يتلاعبون بالكلمات كما لو كانوا في عرس كبير. يتحدثون عن البطالة كأنهم اكتشفوا لقاحاً جديداً، ويعدون بإنهاء أزمة السكن كما لو كانوا سيشيدون أبراجاً من الجنة.
ثم، بشكل عجيب، تبدأ عملية “الاختفاء السحرية”. الأحزاب السياسية التي كانت تتحدث بأعلى أصواتها أثناء الانتخابات تتحول فجأة إلى أحجار صماء في شوارع المدن ودواوير القرى. لا اجتماعات، لا بيانات، ولا حتى إشارات بسيطة تذكرك بوجودهم. يبدو أنهم في مهمة سرية لم يشاركهم فيها أحد، ربما في رحلة إلى قارة أخرى أو في جولة سياحية في أروقة النسيان.
ولكن هناك من يفسر هذا الاختفاء بعبقرية خاصة: “إنهم يعملون خلف الكواليس”. نعم، بالتأكيد، هؤلاء الأبطال المجهولون الذين نادرًا ما نراهم، ولكنهم على يقين أنهم يكرسون وقتهم في تفكير عميق حول كيفية تحسين البلد. ربما يجلسون في مكاتب فاخرة محاطة بالكتب والمستندات التي لا نراها إلا في الأفلام الوثائقية، ويقومون بصياغة استراتيجيات معقدة لا يفهمها سوى عدد قليل من علماء الرياضيات.
في الحقيقة، قد يكون الأمر أبسط من ذلك بكثير. ربما هو مجرد سحر سياسي يُمارس بأقل جهد، حيث تُستغل الفترة التي تلي الانتخابات ليتحدث الجميع عن “نقاط القوة” و”الإنجازات”، بينما يستمر المواطنون في التعرض لنفس المشاكل التي عانوا منها قبل الانتخابات.
في النهاية، قد يكون الاختفاء الكامل للأحزاب السياسية بين الانتخابات جزءًا من التقاليد السياسية المغربية، جزءًا من بروتوكول غير مكتوب يختارون فيه عدم التدخل في الحياة اليومية للمواطنين، حتى يتسنى لهم الاستعداد للظهور مرة أخرى بأبهى حلة في الانتخابات القادمة.