مواقع التواصل الإجتماعي: بين الجدية والميوعة
عائشة خشابة
كاتبة وشاعرة مغربية
تحولت منصات التواصل الاجتماعي اليوم إلى منابر تثقيفية وتخريبية في نفس الوقت شئنا أم أبينا.
وإذا كنا نستثني قلة قليلة من المواقع الإلكترونية الجادة، فإن غالبية المواقع ومعها منصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها وسيلة متاحة لكل من هب ودب للخروج على الناس ونشر كل أنواع الفكر والسلوك في ظل غياب الرقابة، بشعار حرية الرأي المغلوطة، إذ نتساءل هل هناك خطوط حمراء يجب احترامها وعدم المساس بها، أم أن الخطوط الحمراء لا تشتغل إلا في ظل قضايا سياسية معينة.
ولعل من أبرز الخطابات التخريبية التي تلقي بضلالها على هذه المنابر دون حسيب أو رقيب، تلك التي تضرب بكل القيم الإنسانية والوطنية والدينية عرض الحائط، باسم حرية الرأي والتعبير. فأي حرية هذه التي تسمح بزرع الفتن بين الشعوب وتدجين عقول الشباب وشحنها بأفكار مغلوطة وحقائق لا أساس لها من الصحة، لا لشيء سوى لأجل هدم القيم الإنسانية وترسيخ “ثقافة” التفرقة وقد تكون بين أبناء الجلدة الواحدة.
وكم وقفنا عبر هواتفنا المحمولة على نماذج لا تعد ولا تحصى منهم، حيث يخرج بعضهم علينا دون حياء أو حشمة يستهزؤون بأنبياء كرام أخرجوا البشرية من الظلمات إلى النور، وآخرون يتطاولون على زعماء وملوك وهم رموز وحدة وقداسة دول وشعوب بأكملها، فيما اختارت عينة أن تنشر على صفحاتها وعلى قنواتها الكلام الساقط دون أدنى احترام للذوق العام أو مراعاة للقيم والأخلاق.
أين يجرنا هذا الانفلات المفضوح باسم التحضر والتكنولوجيا وحرية الرأي.
نقول هذا ونخشى أن نتحول يوما ما لأجساد تدب فوق الأرض عارية من ثوبي الإنسانية والحياء.
فشتان ما بين الجدية والميوعة.